samedi 24 avril 2010

ذة. أمينة كرامي ذ. عبد الله عثماني
ث. للا أمينة ث. الإمام الغزالي

الوحدة 9.
فرنسا قوة فلاحية و صناعية في الاتحاد الأوروبي.


تمهيد و إشكال: تقدر مساحة فرنسا ب 551500 كلم² و يصل عدد سكانها إلى 61984000 نسمة. و تعتبر من الدول المؤسسة للإتحاد الأوروبي الذي تحتل فيه الرتبة الثانية فيما يخص الناتج الداخلي الخام ب 2047 مليار دولار . و 3° بالنسبة للقوة الصناعية بنسبة 15 % من مجموع القوة الصناعية للاتحاد و 2° على مستوى قيمة التجارة الخارجية بما قيمته 1035473 مليار دولار و 1° في حصة الاتحاد الأوروبي في التجارة الخارجية الفرنسية بنسبة 62% .
فما هي مظاهر قوة الاقتصاد الفرنسي و أسسه؟ و ما هي طبيعة التحديات و المشاكل التي تواجه الاقتصاد الفرنسي؟

I - مظاهر قوة الفلاحة الفرنسية و تحولاتها و العوامل المتحكمة فيها.
1 – مظاهر القوة الفلاحية الفرنسية :
تعتبر فرنسا أول قوة فلاحية في الاتحاد الأوروبي رغم المساهمة الضعيفة لهذا القطاع في الناتج الداخلي الخام إذ لا يتعدى 2.9 % . و رغم ذلك ففرنسا تساهم ب 23% من الإنتاج الفلاحي للاتحاد الأوروبي . و تحتل الرتبة 5 عالميا في إنتاج الحبوب . و تعتبر أول مصدر عالمي للمنتجات الصناعية الغذائية . ثاني مصدر عالمي للمواد الفلاحية .
و تأتي دول الاتحاد الأوروبي في مقدمة قائمة زبناء فرنسا الرسميين للمواد الفلاحية. (الوثيقة 1 ص.141) .
و توضح الوثيقة 2 ص 141 تطور الإنتاج الفلاحي الفرنسي (انقل الوثيقة في دفترك) . و يشكل فرع الفلاحة و الصناعة الغذائية مركز قوة الفلاحة الفرنسية خصوصا سنة 2004 التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في الإنتاج الفلاحي.
2 – تحولات القطاع الفلاحي الفرنسي:
رغم تراجع المساحات المزروعة و عدد المستغلات و عدد الفلاحين (4.1 % من الساكنة النشيطة) خلال عقدي السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي ،فقد عرف الإنتاج الفلاحي نموا كبيرا. حيث أصبح الفلاح الفرنسي يغذي 30 شخصا مقابل 18 شخصا قبل 50 سنة. و ذلك راجع لتطور الإنتاجية و المردود. فعلى المستوى العقاري شهدت فرنسا تحولا هاما يتجلى في تراجع عدد المستغلات من حوالي000 2250 مستغلة سنة 1950 إلى حوالي 520000 مستغلة الوثيقة 2 /أ ص142). و رغم ذلك فإن بسبة المستغلات الصغيرة المغلقة الوثيقة 2 / ب ص142) ذات الطابع العائلي لا زالت تشكل غالبية المشهد الفلاحي الفرنسي. و من جهة أخرى شهد القطاع الفلاحي تحولا نوعيا بانتشار الفلاحة البيولوجية التي لا تعتمد المواد الكيماوية ، بل تستعمل المواد الطبيعية (أسمدة معدنية طبيعية ، منتجات مستخلصة من الأعشاب ، و تغذية الماشية بمواد غذائية بيولوجية) و ذلك لضمان جودة عالية للمواد الغذائية و الحفاظ على البيئة و تتميز هذه الفلاحة بتنوع إنتاجها (حبوب ، تربية الماشية). و تقوم هذه الفلاحة بتشغيل عدد كبير من اليد العاملة مقارنة مع الفلاحة العادية و جلهم من الشباب المثقف (18 % منهم لهم تكوين عال). و قد بلغ عدد المستغلات البيولوجية أو في طريق التحول إلى بيولوجية 2100 مستغلة و يتعدى معدل مساحة المستغلة البيولوجية المعدل الوطني لمساحة المستغلة العادية (47 هكتار مقابل 42 هكتار).( الوثيقة 3 / أ ص142). و تخدم الفلاحة البيولوجية القطاع السياحي عن طريق المطاعم التي تقدم وجبات طبيعية في عين المكان ( الوثيقة 3 / ب ص142).
و تبين الوثيقة 4 / أ (أنقل الخريطة في دفترك) المجالات الفلاحية و اتجاهات التحول . حيث تتمركز أهم الزراعات الكبرى في منطقة "شامباني" (Champagne) و حوض باريس و "بوركوني (Bourgogne). و حوض أكيتان (Bassin Aquitain) في الجنوب الغربي .والألزاس ( (Alsaceفي الشمال الشرقي . أما تربية الماشية الكثيفة فتستقر بمنطقة بروطاني (Bretagne) . في حين تنتشر التربية الواسعة للماشية في نورماندي ( Normandie) بالشمال و الكتلة الوسطى و مرتفعات الجورا(Jura) و الفوج
(Vosges) و الألب (les Alpes) و البرانس (Pyrénées) . و تتخصص منطقتي لانكدوك (Languedoc) و بروفانس (Provence) المطلة على البحر الأبيض المتوسط في الفواكه. و يلاحظ أن بعض المناطق الفلاحية شهدت تحولات هامة و عميقة( الوثيقة 4 / ب ص 143 ) كمنطقة بروطاني و نورماندي و اللوار ( Loire) التي تخصصت في تربية الأبقار و الخنازير و الدواجن اعتمادا على أسلوب التربية الكثيفة، التي تعتمد على تغذية تزودها بها الصناعة الغذائية، كما أنها تمارس ضغطا ضعيفا على الأرض، نتيجة تجمع الماشية بأعداد ضخمة في حظائر متخصصة (Elevage hors – sol). و منطقة شامباني و الجنوب الغربي (حوض أكيتان) التي أصبحت مناطق كبرى لزراعة الحبوب . و منطقة الجنوب الشرقي التي تخصصت في إنتاج الخمور و الفواكه. أما حوض باريس فلم يشهد تحولات هامة و بقي محافظا على تخصصه في زراعة الحبوب.
3 – قوة الفلاحة الفرنسية و تحولاتها:
أ- قوة الفلاحة الفرنسية: تستمد الفلاحة الفرنسية قوتها من الظروف الطبيعية الملائمة و المتمثلة في :
* التضاريس: (الوثيقة 1 ص 144) تنقسم تضاريس فرنسا إلى 3 و حدات كبرى هي
– الهضاب و الكتل القديمة التي تنتمي للزمن الهيرسيني و هي الكتلة الأرمريكية
(Massif Armoricain )في الشمال الغربي. و كتل الأردين ( Ardennes) في أقصى الشمال و الفوج (Vosges) في الشمال الشرقي و الكتلة الوسطى التي تنتصب وسط البلاد و هي الأكثر اتساعا.
- السلاسل الجبلية و هي مرتفعات حديثة التكوين كجبال البرانس و مرتفعات الجورا و جبال الألب حيت توجد أعلى قمة في فرنسا (الجبل الأبيض le Mont Blanc ) الذي يقدر ارتفاعه ب 4807 م .
- السهول و هي نوعان : سهول رسوبية واسعة في الشمال و ضيقة في الجنوب الغربي . و سهول تنتمي لبنية الأحواض الرسوبية كحوض باريس في الشمال و حوض أكيتان في الجنوب الغربي
* المناخ: (الوثيقة 2 ص.144) يتميز مناخ فرنسا بالاعتدال و التنوع بسبب موقع البلاد في العروض المعتدلة و غرب القارة الأوروبية. لهذا يتراوح معدل التساقطات في مجموع التراب الوطني ما بين 600 و 1500 مم / س . و رغم الطابع الاعتدالي للمناخ الفرنسي فإنه يمكن التمييز بين 3 أنواع مناخية و هي :
- المناخ المحيطي و يسود الواجهة الغربية المطلة على المحيط الأطلنتي و يتميز برطوبة عالية و حرارة معتدلة .
- المناخ القاري الذي يظهر في المناطق الداخلية و تزداد حدته كلما اتجهنا نحو الشرق. و يتميز بارتفاع المدى الحراري السنوي .
- المناخ المتوسطي الذي يهم الواجهة الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط و يتميز بشتاء بارد و رطب و صيف حار و جاف.
و ينتشر المناخ الجبلي فوق المرتفعات (الألب و البرانس و الهضبة الوسطى. و يتأثر المناخ الفرنسي بالمؤثرات القارية التي تهب من الشمال الشرقي و المؤثرات المحيطية التي تهب من الجنوب الغربي و المؤثرات المتوسطية التي تهب من الجنوب .
و يساهم تنوع المناخ في تنوع الإنتاج الفلاحي الفرنسي كما يساهم في توزيع الأراضي التي تتكون من الغابات بنسبة 26.5 %. و المروج بنسبة 24% و الأراضي الزراعية التي تستحوذ على أكبر حصة بنسبة 35 % . و أراضي أخرى بنسبة 14.5% . (الوثيقة 3 ص.144)
ب – التحولات التي شهدتها الفلاحة الفرنسية : عرفت البنية العقارية الفلاحية الفرنسية تحولا هاما بسبب إخضاع الأراضي الفلاحية لترميم ضمن "الثورة الهادئة" للفلاحة الفرنسية (الوثيقة 4 / أ ص 145) .حيث تمت إعادة تهيئة الأراضي التي تجزأت بفعل الثورات أو الأراضي المتخلى عنها بفعل الهجرة القروية .و ساهمت الدوائر السياسية و البنكية في توفير الرساميل لهذه المستغلات التي استفادت من الطاقة البشرية و الخبرة العلمية و ساهمت في حل مشكل الخصاص الغذائي. بل مكنت فرنسا من تصدير جزء كبير من موادها الفلاحية الغذائية. كما أدت هذه "الثورة الهادئة" على تطور متوسط مساحة المستغلات الفلاحية الذي انتقل من 15 هكتار سنة 1955 إلى 31 هكتار سنة 1990 ليقفز إلى 38 هكتار سنة 2001.(الوثيقة 4 / ب ص 145) . و قد ساعد هذا التحول على ظهور مستغلات رأسمالية قوية تتلاءم مع التقنيات الحديثة و ذات مردودية عالية.
و استفادت الفلاحة الفرنسية من تدابير "السياسة الفلاحية المشتركة" التي تم تطبيقها في دول التحاد الأوروبي . فقد ساهم تحرير مرور المنتجات و الرساميل ، و ضمان أسعار عدة منتجات فلاحية و توحيد التعريفة الجمركية تجاه الدول الخارجة عن الاتحاد في تحفيز الفلاحين الفرنسيين خاصة منهم منتجي الحبوب الذين تمكنوا من تصدير جزء مهم من إنتاجهم . و ارتفع مستوى إنتاج القمح بفضل دعم الصادرات و تحديد سعر مضمون للقمح يحمي الفلاح من المنافسة الأجنبية. (الوثيقة 5 ص.145) .
و تكمن مظاهر العصرنة و التقدم التقني للفلاحة الفرنسية في مكننة متطورة شملت جل العمليات الفلاحية . و توسيع السقي و تجفيف المستنقعات .و اعتماد تقنيات جديدة منها ، تعديل التربة و الاستعمال المكثف للأسمدة و المبيدات .إلى جانب إدخال أنواع جديدة من المنتجات الفلاحية بفضل انتقاء الأجناس الحيوانية و النباتية اعتمادا على "الهندسة الوراثية" التي ساهمت في ظهور منتجات نباتية معدلة وراثيا ( OGM) لتحسين خصائصها (الوثيقة 6 ص.145).
II – مظاهر القوة الصناعية الفرنسية و تحولاتها. و تفسير العوامل المتحكمة في ذلك.
1 – مظاهر قوة الصناعة الفرنسية:
توضح المؤشرات الواردة في الوثيقة 1 ص 145، أهمية و مكانة الصناعة الفرنسية على مستوى الاتحاد الأوروبي (2°)، وعلى المستوى الدولي (4°). فهي تساهم ب
26.4 % من الناتج الداخلي الخام الوطني و تشغل 22 % من مجموع اليد العاملة النشيطة الفرنسية. كما أنها تمثل 15 % من مجموع صناعة الاتحاد الأوروبي. وعلى مستوى بعض القطاعات الصناعية، فإن فرنسا تحتل الرتبة 2 في الاتحاد الأوروبي في صناعة السيارات ب 3665000 سيارة سنويا. و قد شهد هذا القطاع تطورا تقنيا كبيرا باستعمال تقنية الروبوتيك. و الرتبة 3 في صناعة الصلب ب 20800000 طن / س( الوثائق 2 / أ – ب ص 146) . كما تعتبر المساهم الأكبر، بنسبة 57.06 % ،في صناعة صاروخ "أريان" الذي اكتسح السوق العالمية في مجال زرع الأقمار الصناعية في الفضاء،. و تقدر مساهمة شركة "أيروسبايس" الفرنسية ب 37.9 % في مشروع أيرباص . (الوثيقة 3 / أ-ب 146). و تعتبر الصناعة الكيماوية الفرنسية من أقوى الصناعات على الصعيد الوطني و الأوروبي فهي تحتل الرتبة الثانية في أوروبا من حيث رقم المعاملات و تحتل شركة " سان –غوبان St Gobin " لصناعة الزجاج الرتبة الأولى علميا . و الرتبة الثانية أوروبيا في صناعة البلاستيك. أما شركة Sanfi-Aventis المتخصصة في الصناعة الصيدلية فتحتل الرتبة الأولى أوروبيا و الثالثة عالميا. و في مجال صناعة المنتجات الرفيعة فإن شركة "لوريال" الفرنسية تحتل الرتبة الأولى عالميا في مجال تصدير العطور و مواد التجميل التي تحتكر السوق العالمية . و تحقق فرنسا 10% من المبيعات العالمية في قطاع السيارات . و تحتل الرتبة الثالثة عالميا في صناعة الأسلحة و تتوفر على أول قطاع عالمي من حيث رقم المعاملات في مجال الصناعة الغذائية التي تعتبر 3 مشغل لليد العاملة وطنيا. (الوثيقة 4 / أ ص 147). و تستأثر المنتجات الصناعية بحصة الأسد في الصادرات الوطنية (أنقل الوثيقة 4 / ب ص147). و على مستوى التوزيع المجالي للصناعات الفرنسية ، فإن الخريطة ص. 147 تبين تمركز الصناعات في:
* الشمال الغربي الذي يضم أكبر مركز صناعي فرنسي ، باريس (Paris) الذي يتوسع في اتجاه ميناء لوهافر(le Havre) المطل على بحر الشمال و يشكل نقطة انتقال توطين المقاولات نحو الشمال الذي يشهد تحولا صناعيا نوعيا خاصة مدن ليل(LILLE) و فالنسيان (Valenciennes). و نحو الغرب (مدينة كاين Caen ) و الجنوب الغربي (مركز نانت Nantes و رين Rennesو بواتييPoitiers).
* الشرق حيث توجد أربعة مناطق صناعية : منطقة ليون Lyon- كرونوبلGrenoble – سانت إتيانSt Etienne.في الألب .- منطقة ميلوزMulhouse(والألزاس) - منطقة اللورين – منطقة مرسيليا في الجنوب.
أما المناطق الوسطي و التي تظهر على شكل شريط ضيق في الشمال و واسع في الجنوب فإنها تعتبر مناطق ضعيفة التصنيع . و تعتبر المناطق الساحلية المتوسطية و الأطلنتية مناطق استقطاب صناعي .كما تشهد موانئ مرسيليا ، نانت، لوهافر و دانكيرك عمليات التهيئة الصناعية لمواجهة التطور المرتقب في مجال التجارة الخارجية .
2 – تفسير قوة الصناعة الفرنسية:
تعتمد الصناعة الفرنسية على مجموعة من المقومات منها :
* المواد الأولى و مصادر الطاقة : تتوفر فرنسا على مجموعة من المعدن كالبوكسيت التي يقدر إنتاجه ب حوالي 100000 طن / س و يستخرج من المناطق الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط. و البوتاس ب 184000 طن /س و يستخرج من المناطق المحاذية لنهر الراين في الشمال الشرقي الأورانيوم ب 175000 طن / س و يستخرج من عدة نقط متناثرة في الكتلة الوسطى و بروطاني و منطقة اللوار(الوثيقة 1 / أ ص148) . آما الفحم فيستخرج من مناجم الشمال و اللورين و الكتلة الوسطى و يتميز الفحم الفرنسي بضعف الجودة و صعوبة الاستخراج. في حين تضطر فرنسا لاستيراد جل احتياجاتها من البترول من الشرق الأوسط و بعض دول إفريقيا . و الغاز الطبيعي من الجزائر و روسيا . أما الطاقة الكهربائية فقد عرف إنتاجها تطورا مهما وهي من 4 مصادر الكهرباء النووية ب 448 Twh، الكهرباء المائية ب 65.4 Twh، الكهرباء الحرارية ب 54.7 Twh و الكهرباء الريحية ب 0.6 Twh. و يلاحظ أن الكهرباء النووية تحتل مركز الصدارة بالنسبة للطاقة الكهربائية الفرنسية و هذا راجع لانتشار المفاعلات النووية عبر التراب الوطني و عدم معارضة الشارع الفرنسية بشدة لهذا النوع من الطاقة.(الوثيقة 1 / ب ص148)
* المعطيات الديمغرافية و السوسيو اقتصادية المتمثلة في ساكنة تعد ب61.984 مليون نسمة تشكل فيها نسبة القادرين على العمل 35 % و هي ساكنة حضرية بنسبة 74 %. و قد قدر صافي الهجرة في فرنسا سنة 2003 ب 100000 نسمة. أما مؤشر التنمية البشرية فيصل إلى 0.932 و من أعلى المؤشرات على الصعيد العالمي .
* تدخل الدولة في الاقتصاد و أهدافه. مر تدخل الدولة في الاقتصاد بثلاثة مراحل :الوثيقة 3 ص 148)
أ- المرحلة الأولى (منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى سنة 1982) حيث قامت الدولة بتأميم مجموعة من وسائل الإنتاج الوطنية ك"شركات توليد الطاقة الكهربائية"، " شركة رونو" و "شركة فحم فرنسا" و المؤسسات البنكية التي تراقب 75% من القروض كما تمتلك نسبا هامة من أسهم كبريات المؤسسات الخصوصية الفرنسية . و ذلك بهدف إعادة بناء و عصرنة الاقتصاد . و تتدخل الدولة عن طريق تهيئ مخططات توجيهية تكتسي طابعا إلزاميا بالنسبة للقطاع العام و طابعا استشاريا بالنسبة للقطاع الخاص و ذلك بهدف دعم القطاعات ذات الأولوية. و تتدخل كذلك عن طريق إعداد التراب الوطني لخلق نمو منسجم و متوازن.
ب- المرحلة الثانية (مابين 1982 و 1986) يتمثل تدخل الدولة في مواجهة الأزمة التي كان الاقتصاد الفرنسي يتخبط فيها خلال هذه الفترة و ذلك للرفع من الطلب و الإنتاج . و استمرار سياسة التأميم لتنمية الاستثمار و ‘عادة تنظيم بعض القطاعات .
ج- المرحلة الثالثة (منذ 1986) شهدت سنة 1986 شروع الدولة الفرنسية في تشجيع الخصخصة و ذلك بعرض أسهمها في بعض الشركات للبيع كمؤسسة "الشركة العامة للكهرباء". و فتح رأسمال بعض المؤسسات و إقرار مرونة قانونية في هذا الاتجاه.و ذلك بهدف تنمية القطاع الخاص و تشجيع الاستثمار الداخلي ة الخارجي.
* تطور التركيز: فرضت الظرفية الاقتصادية العالمية و الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي على فرنسا تطوير بنيتها الصناعية نحو التركيز و ذلك بتشجيع المؤسسات القوية القادرة على مواجهة المنافسة الأجنبية داخل و خارج المجموعة الأوروبية. فظهرت شركات عملاقة سواء من حيث رقم معاملاتها أو حجم إنتاجها. فضمن 100 مقاولة الأولى في العالم نجد 9 فرنسية كشركة "طوطال" (1° في فرنسا و 10° في العالم ) . و حتى تتمكن المجموعات الفرنسية من غزو أفضل للأسواق العالمية قامت بعقد اتفاقات و شراكات مع بعض الشركات الأجنبية (شركة رونو – شركة نيسان اليابانية) شراء رونو لشركة داسيا (DACIA) الرومانية . اندماج ألكاطل الفرنسية مع ولسن الأمريكية . إلا أن هذا لم يمنع من استمرار انتشار المؤسسة الصغيرة و المتوسطة في البنية الفرنسية التي تضم 50 % من مأجوري القطاع الصناعي و تساهم ب 42 %من مبيعاته(الوثيقة 4 ص 148)
* فرنسا 3 مستثمر عالمي و 5 قطب للرساميل الأجنبية: يمثل مخزون الاستثمار الخارجي المباشر لفرنسا 515 مليار دولار أي 33.4 % من الناتج الداخلي الخام . كما توجد في فرنسا حوالي 9300 مقاولة أجنبية تشغل 1.8 مليون أجير فرنسي أي 13.1 % من مجموع الأجراء الفرنسيين( الوثيقة 5 / أ ص 149). و يرجع هذا التطور للضغوط التي فرضتها العولمة و الاندماج الأوروبي على الاقتصاد الفرنسي . و قد ساهم هذا الانفتاح في تقوية الآلة الإنتاجية الفرنسية و تواجدها بقوة على الصعيد العالمي.

III - المشاكل و التحديات التي تواجه فرنسا.
1 – المشاكل الديمغرافية و الاجتماعية:
يواجه الاقتصاد الفرنسي مجموعة من التحديات و المشاكل منها:
* تطور نسبة الشيخوخة (65 سنة فما فوق): يتزايد عدد الشيوخ في الساكنة الفرنسية بشكل مطرد بسبب ارتفاع معدل مدى الحياة. فبعدما كانت نسبة الشيخوخة لا تتعدى 12 % من مجموع السكان سنة 1950 قفزت إلى حوالي 16 % سنة 2003 و يرتقب أن تصل إلى 24 % سنة 2030. و لاشك أن هذا التطور سيطرح عدة مشاكل لنظام الحماية الاجتماعية الذي يتأثر من جهة أخري بالأزمة الاقتصادية، و بارتفاع نسبة البطالة. حيث ستقل نسبة المساهمة في صندوق المعاشات مقابل تزايد التكاليف، بسبب تزايد عدد المتقاعدين. فقد لوحظ ارتفاع ملحوظ في عدد العاطلين منذ سنة 1975 حيث كان عددهم يصل إلى 912000 عاطل ضمن ساكنة نشيطة تقدر ب 22372000 نسمة . فارتفع هذا العدد إلى 2473000 عاطل من ضمن 24180000 ن، ليصل إلى 2640000 عاطل من بين 27125000 ن. فعلى هذا الأساس سيتفاقم عجز نظام الحماية الاجتماعية . و لن تتمكن الدولة من تغطية هذا العجز برفع قيمة المساهمات لأن ذلك سيضعف قدرات المقاولات على مواجهة المنافسة الخارجية.(الوثائق 1 / أ /ب /ج ص 149)
* ساهم التوسع الحضري في القضاء على التوازن بين الساكنة الحضرية و القروية و الذي كان قائما إلى حدود منتصف القرن الماضي. فقد أصبحت نسبة الساكنة الحضرية تقدر حاليا ب 75 % من مجموع الساكنة الفرنسية و قد تصل هذه النسبة إلى 90 % إذا اعتبرنا ضواحي المدن. و قد أدي هذا التطور في تضخم الطلب على الخدمات الاجتماعية و الخدمات في المدن (السكن ، الشغل، التمدرس، النقل ، التطبيب...) بشكل يفوق إمكانيات استجابة المدن لهذه المطالب . هذا بالإضافة إلى أن توسع المجال الحضري يأتي غالبا على حساب المجال القروي. (الوثيقة 2 / أ / ب ص 150).
2 – المشاكل و التحديات الاقتصادية:
* في المجال الفلاحي : (الوثيقة 1 / أ – ب ص150) .ساهمت العولمة و حماية البيئة في ظهور تحولات هامة على مستوى الإنتاجية الفلاحية الفرنسية . فقد أدى انفتاح الأسواق إلى تغيير في توجهات "السياسة الفلاحية المشتركة". فقد فرض على الفلاح تخفيض تكلفة إنتاجه لمواجهة المنافسة الخارجية . و تعتبر منطقة "بروطاني" خير مثال على هذا التحول .فهي تعتبر أول منطقة فلاحية في فرنسا بفضل اهتمامها بالتربية الكثيفة للماشية .لكن تراجع الحماية و الدعم اللذان كان يحضى بهما القطاع الفلاحي و ظهور منافسين أقوياء في هذا المجال كالبرازيل الذي تتميز فلاحته بانخفاض التكلفة ، أدى كل ذلك إلى تراجع قطاع تربية المواشي الذي كان مزدهرا في "بروطاني" (تربية الدواجن و تربية الخنازير على الخصوص) .
* في المجال الصناعي: (الوثيقة 2 ص 150). تعرضت مجموعة من فروع الصناعة القديمة في فرنسا إلى نوع من التراجع (التعدين، بناء السفن، النسيج...) مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة (فقدان حوالي 1.5 مليون منصب شغل ما بين 1980 و 2000) . كما تعرضت بعض مناطق الشمال و الشرق لظاهرة هجرة الصناعات، Désindustrialisation) (. و يلاحظ من جهة أخرى معاناة الصناعة الفرنسية من قلة التخصص فنادرا ما تحتل الصناعة الفرنسية الرتبة الأولى في أحد القطاعات الصناعية.
و تضطر إلى استيراد بعض المنتجات الصناعية من الخارج. كما أن إهمال البحث العلمي لفترة طويلة أدي إلى ضعف علاقته بالمقاولات . إضافة إلى عدم مسايرة تأهيل اليد العاملة للتحولات السريعة التي يعرفها القطاع الصناعي.
3 – مشاكل و تحديات التباين الجهوي و البيئة:
توضح الخريطة (الوثيقة 1 / أ ص 151) تباين توزيع الثروة الوطنية حسب الجهات . حيث تحتل جهة باريس (Ile – de France) الرتبة الأولى بأزيد من 10% من الثروة الوطنية تليها الجهات الجنوبية الشرقية ( جهة الرون و الألب و جهة ألب – كوت دازور Rhône – Alpes, Alpes – Côte-d'Azur ) و جهة الشمال- بادكالي
(Nord- Pas De Calais).بحصة ما بين 5 إلى 10% . أما منطقة اللورين و الوسط و اللوار و بروطاني و أكيتان و البيريني فتتراوح حصتها من الثروة الوطنية ما بين 3 إلى 5 % .و ما تبقى من الجهات فتقل حصصها عن 3 % . كما تتمركز غالبة الساكنة الفرنسية في الحواضر الكبرى التي تتواجد بمناطق القوة التي تهيكل المجال الفرنسي التي تضمن أكبر قدر ممكن من فرص الشغل على طول الساحل المتوسطي و الأطلنتي و الأحواض الكبرى كحوض باريس و الحدود الشرقية . و تتفاقم التناقضات داخل كل جهة ما بين الحواضر الكبري التي تتوسع على حساب المجال القروي الذي يتعرض للتفقير .أما داخل المدن فيلاحظ تباين صارخ بين الأحياء الراقية و أحياء الضاحية
Quartiers périphériques )) التي غالبا ما تحتضن الفئات الفقيرة و عائلات المهاجرين .
و تعاني فرنسا من تفاقم المشاكل البيئية التي يتسبب فيها القطاعين الفلاحي و الصناعي :
- التلوث الفلاحي: (الوثيقة 2 / أ ص 151) ساهم التطور الذي عرفته تربية الماشية في منطقة بروطاني، على سبيل المثال ، في خلق مشاكل بيئية. فقد أدى الاستعمال المكثف للأسمدة في الزراعات العلفية . و تراكم بقايا الحيوانات في تلويث الأنهار و الفرشة المائية التي تتناقص مياهها بسبب الضخ المكثف للسقي
- التلوث الصناعي : (الوثيقة 2 / ب ص151) تعاني مدينة ليون من التلوث الناتج عن السيارات و المصانع خصوصا المصانع الكيماوية التي تتجمع على طول "ممر الكيمياء" و التي ترسل إلى المدينة بواسطة الرياح أدخنة و روائح ملوثة للجو . و تساعد طبوغرافية المدينة على تفاقم و استمرار آفة التلوث.
الخاتمة: استفاد الاقتصاد الفرنسي من عدة مؤهلات تتمثل في الظروف الطبيعية و البشرية الملائمة .و من انتمائه إلى إحدى التكتلات الاقتصادية الرائدة و القوية في العالم (الاتحاد الأوروبي ). و ذلك رغم المشاكل و التحديات التي تواجه مسيرته.
ذة. أمينة كرامي ذ. عبد الله عثماني
ث. للا أمينة. ث. الإمام الغزالي.

الوحدة 13.

كوريا الجنوبية:
نموذج لبلد حديث النمو الاقتصادي.


تمهيد و إشكال: كانت كوريا الجنوبية قبل سنة 1970 تعد من بين الدول الفقيرة في إفريقيا و آسيا. فشهدت نهضة اقتصادية ابتداء من السبعينات.وأصبحت تحتل الرتبة 11 ضمن القوى الاقتصادية الكبرى في العالم. و أصبح الناتج الداخلي الخام الفردي بها يفوق 20 مرة نظيره في كوريا الشمالية . و يضاهي مثيله في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي
فما هي مظاهر النمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية؟ و ما هي العوامل المفسرة لذلك؟ و ما هي التحديات التي تواجهه؟

I - أهمية الإنتاج الصناعي بكوريا الجنوبية.

1 – أهمية الطاقة في الاقتصاد الكوري الجنوبي:
تبرز الوثيقة 1 ص 202 الحصيلة الطاقية لكوريا الجنوبية مقارنة بمثيلتها بالمغرب . حيث نلاحظ الفرق الشاسع بين الأرقام الواردة في الجدول. و نستنتج مدى أهمية الطاقة بالنسبة لكوريا الجنوبية.فهي تنتج 45.270 مليون tep من الطاقة. لكنها تستهلك 211.740 مليون tep. و يقدر الاستهلاك الفردي للطاقة 4.570 tep مقابل 0.380 tep في المغرب . و يصل إنتاج الكهرباء إلى 391.660 مليارKWh . و يقدر الاستهلاك الفردي للكهرباء 7435 KWh. ( المغرب، الإنتاج =21.130 مليار KWh . الاستهلاك الفردي= 584 KWh ). نستخلص إذن ضخامة احتياج كوريا الجنوبية للطاقة. الذي يرتبط أساسا بالنمو الاقتصادي الذي عرفته في السنوات الأخيرة. و توضح الوثيقة 2 / أ ص 202 ، تطور استهلاك الغاز الطبيعي ما بين 2004 ( 21 مليار م³) و 2006 (24 مليار م³) . و تشير الوثيقة 2 / ب، إلى تطور استيراد و استهلاك البترول . ففي سنة 2004 استوردت كوريا الجنوبية حوالي 3 مليون برميل / يوميا في حين بلغ الاستهلاك 2 مليون برميل /يوميا. أما في سنتي 2005 و 2006 فقد تراجع الاستيراد إلى 2.2 مليون برميل / يوميا و الاستهلاك إلى 2 مليون برميل / يوميا. نلاحظ من خلال هذه الأرقام استقرار الاستهلاك و تراجع الاستيراد و هذا راجع لتحكم كوريا الجنوبية في الاستهلاك بواسطة ترشيد استعماله.
2 – مكانة القطاع الصناعي ضمن الأنشطة الاقتصادية بكوريا الجنوبية:
تتمركز أهم المناطق و الصناعية في الشمال الغربي حول مركز سيول (العاصمة و مركز القرار). في الجنوب الشرقي حول مركزي بوشان على الساحل و طايكو في الداخل. و تتميز هذه المناطق باحتضانها لأهم المدن .و نلاحظ تمركز الأقطاب التكنولوجية خارج هذه المناطق و خاصة على الواجهة الغربية الجنوبية و الوسطى . أما المجال الفلاحي فينتشر في الجنوب و الوسط . و نشكل المجالات الوسيطة و السلاسل الجبلية غالبية مساحة كوريا الجنوبية و لتنظيم المجال و التحكم فيه وفرت كوريا الجنوبية شبكة مهمة من وسائل المواصلات (الطرق السيارة ) التي تربط كافة المناطق و (شبكة القطار السريع ) التي تربط بين المنطقتين الصناعيتين الأساسيتين. (الوثيقة 1 ص 203) . و اعتمادا على الوثيقة 2 ص 203 يتبن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام و التي تقدر ب 40.81 % مقارنة بالقطاع الفلاحي التي لا تتعدى 3.70 % و مساهمة قطاع الخدمات المتطور التي تصل إلى 55.49 % . فقد شهد القطاع الصناعي تطورا كبرا ما بين سنتي 2004 و 2005. في حين سجل انخفاضا واضحا سنة 2006 بسبب المنافسة الخارجية و الأزمة الاقتصادية التي يجتازها العالم مند بداية القرن. و يرجع تطور القطاع الصناعي لتأثير التكتلات المالية الكبرى (Caebols) . و هي مؤسسات عملاقة قائمة على تكتل مالي. التي تسيطر على الصناعات الأساسية و القوية في النشاط الاقتصادي . مما أدى إلى ظهور مجموعات عملاقة كمجموعة "سامسونغ" (Samsung) التي تحتكر 5/1 صادرات البلاد و تشغل حوالي 130000 أجير . و مجموعة "هيونداي – كيا " (Hyundai – Kia) التي 4/3 السيارات المتحركة في البلاد.
II – مظاهر القوة التجارية في كوريا الجنوبية.

1 – خصائص المبادلات التجارية الكورية الجنوبية:
نلاحظ من خلال الوثيقة 1/ أ ص 204 طبيعة الصادرات الكورية و التي تتمثل في المواد المصنعة و الخدماتية ( التجهيزات الكهربائية و الميكانيكية ، السيارات و لوازمها . الملاحة البحرية و النهرية و الخدمات) أما الواردات فتتكون من المواد الولية ومصادر الطاقة و المنتجات الفلاحية و بعض الآلات و الأجهزة التي لا توفرها محليا . نستخلص إذن أن كوريا الجنوبية تفتقر بحكم طبيعة أرضها و شح باطن أرضها للمواد الولية و المواد الفلاحية . لهذا فهي مضطرة إلى تطوير قدراتها الإنتاجية في المجال الصناعي لتغطية مصاريف احتياجاتها للمعادن ومصادر الطاقة و المواد الغذائية. لهذا فالوثيقتين 1 / ب – ج ص 204 تبرز قيمة التجارة الخارجية لكوريا الجنوبية ما بين سنتي 2002 و 2005. فقد عرفت الصادرات تطورا متصاعدا سوء على مستوى البضائع أو الخدمات ففي سنة 2002 بلغت قيمة صادرات البضائع حوالي 152 مليار دولار . و الخدمات 25 مليار دولار . أما في سنة 2005 فقد ارتفعت قيمة صادرات البضائع لتصل 275 مليار دولار و الخدمات 48 مليار دولار . و بالمقابل شهدت الواردات تطورا مماثلا ففي سنة 2002 بلغت قيمة البضائع المستوردة 150 مليار دولار و الخدمات المستوردة 40 مليار دولار وارتفعت لتصل في سنة 2005 ، 250 مليار دولار بالنسبة للبضائع و 60 بالنسبة للخدمات.
و تتعامل كوريا الجنوبية مع كل الشركاء التجاريين في العالم فتأتي الصين في المركز الأول فيما يخص الصادرات الكورية الجنوبية حيت تصل حصتها إلى 21.4 % تليها
و.م. أ بنسبة 14.6 % . اليابان 8.7 % . و هونغ كونغ 5.7 % أما بقية الشركاء في العالم اتصل نسبتهم إلى 49.6 % . أما بالنسبة للواردات فإن كوريا الجنوبية تستورد حاجياتها من اليابان بنسبة 18.5 % . و م الصين بنسبة 14.8 % . و و.م.أ بنسبة 11.8 % و من السعودية بنسبة 6.2 % . و من باقي أنحاء العالم بنسبة 48.7 % .
و عرف ميزان الأداءات بدوره تطورا مهما ما بين سنتي 2002 و 2005 فقد كانت قيمته تقدر ب 5 مليار دولار سنة 2002 و بلغت حوالي 12 مليار دولار سنة 2003 .و سجلت أعلى ارتفاع لها سنة 2004 حيث بلغت حوالي 27 مليار دولار لتنخفض سنة 2005 إلى 17 مليار دولار (الوثيقة 2 / ب ص 205)
2 – تطور الاستثمارات الخارجية المباشرة بكوريا الجنوبية:
شكلت كوريا الجنوبية أحد الأقطاب الكبرى لجلب الاستثمارات الخارجية المباشرة بفضل التنمية التي شهدها اقتصادها . فقد تطور الاستثمار الخارجي بها مابين سنتي 2002 و 2005 كالتالي. في سنة 2002 كان الاستثمار الخارجي بكوريا الجنوبية لا يتعدى 5 مليار دولار فقفز سنة 2003 إلى حوالي 12 مليار دولار و بلغ ذروته سنة 2004 بحوالي 27 مليار دولار لينخفض من جديد إلى 17 مليار دولار سنة 2005 . و تتعدد الدول المستثمرة في كوريا الجنوبية أهمها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 25.6 % . تليها اليابان ب 22.6 % . ثم هولندا ب 12.2 % (راجع الوثيقة 2 ص 205) . و من العوامل التي شجعت استثمار الخارجي:(الوثيقة 3 ص 206).
- إزالة الحواجز المؤسساتية أما الاستثمار الخارجي سنة 1990.
- تكثيف الجهود من طرف الدولة لإدماج كوريا في العولمة.
- إعلان العولمة كخيار وطني من طرف الحكومة الكورية الجنوبية.
- انتقال سلطة القرار من وزارة المالية و الاقتصاد إلى وزارة التجارة و الصناعة و الطاقة الأكثر ليبرالية.

III – العوامل المفسرة لنجاح التنمية الاقتصادية في كوريا الجنوبية.

1 – دور المقومات البشرية و التربوية في الانطلاقة الاقتصادية في كوريا الجنوبية:
تطورت ساكنة كوريا الجنوبية بسرعة حيث كانت لا تتعدى 29 مليون نسمة في سنة 1966 و بلغت حوالي 39 مليون نسمة سنة 1918، ثم 34 مليون نسمة سنة 1993. لتصل حاليا إلى 48.8 مليون نسمة (الوثيقة 1 / ب ص 206). و تقدر نسبة التزايد الطبيعي الحالي ب 0.4 % .أما مؤشر الخصوبة فيصل إلى 1.16 طفل لكل امرأة.و بلغ أمد الحياة 77 سنة. و تقدر نسبة الساكنة الحضرية ب 80 % من مجموع السكان .أما الكثافة السكانية فتصل إلى 487 نسمة / كلم² . (الوثيقة 1 / أ ص 206).
و يرتبط الوضع الاجتماعي للكوري الجنوبي بالشواهد التي يحصل عليها خلال مساره التعليمي. لهذا يكتسي التعليم أهمية قصوى في حياة الكوريين الذين يقدمون تضحيات كبيرة في سبيل تمكين أبنائهم من مستوى تعليمي متميز . و هذا ما ساعد على تقليص نسبة الأمية إلى 2 % فقط . فالتعليم مجاني و إجباري في المرحلة الابتدائية . و تنقسم المرحلة الإعدادية و الثانوية إلى 3 سنوات لكل منهما . و تتوفر البلاد على جامعات و مدارس عليا و معاهد متخصصة. و تخصص الدولة 4.2 % من ناتجها الداخلي الخام للتعليم . و يطغى الإرث الكونفوشيوسي في التربية لدي الكوريين الذي يعتمد على الانضباط و التضحية في سبيل المثل العليا .(الوثيقة 2 / أ - ب ص 206 – 207).
2 – دور العوامل السياسية و التنظيمية في النهضة الاقتصادية لكوريا الجنوبية:
تعتبر كوريا الجنوبية جمهورية برلمانية. تباشر فيها السلطة التنفيذية حكومة يقودها رئيس الجمهورية الذي ينتخب لمدة خمس سنوات غير قابلة للتجديد بواسطة الاقتراع العام المباشر. و الرئيس هو القائد الأعلى للجيش، يعين و يعفي الوزير الأول و أعضاء الحكومة. يراقب من طرف الدستور الذي يمنعه من حل المجلس التشريعي و تعليق الحقوق الأساسية. و يمثل البرلمان السلطة التشريعية و يتكون من 299 عضوا ينتخبون لمد 4 سنوات بواسطة الاقتراع العام المباشر. كما يتمتع الجهاز القضائي بالاستقلال التام تطبقا لمبدأ فصل السلط.
و قد مر الاقتصاد الكوري بثلاث مراحل رئيسية :
* مرحلة 1953 – 1961 : و التي تميزت بالعمل على الحد من الواردات عن طريق تشجيع الصناعات المحلية و القيام بإصلاح زراعي للرفع من القدرة الإنتاجية للقطاع الفلاحي كما شهدت هذه المرحلة تشجيع التعليم .
* مرحلة 1926 – 1973: اقترنت بتشجيع الصادرات عن طريق إقرار نظام الحوافز بمنح تسهيلات مالية و جوائز وطنية لأكبر و أحسن المصدرين.
* مرحلة 1973 – 1980: تم الاهتمام خلالها بتطوير و تقوية الصناعات الثقيلة التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة و تكنولوجية متطورة .و أعقبتها مرحلة تشجيع و تطوير الصناعات العالية التكنولوجيا .
و يعتمد النموذج الكوري للتنمية على العلاقة الوثيقة بين الحكومة و رجال العمال التي يتم من خلالها تدبير سياسة القروض و تحديد كمية و أنواع الواردات و تمويل بعض الصناعات و مدها بالأطر و اليد العاملة الجيدة. و تعمل الدولية على تشجيع استيراد المواد الأولية و التكنولوجية على حساب المواد الاستهلاكية و الاستثمار على حساب الاستهلاك. كما استفاد الاقتصاد الكوري الجنوبي من علاقتها مع اليابان ومن المساعدات الأمريكية الضخمة التي تدخل ضمن المخطط الأمريكي المناهض للمد الشيوعي. (الوثيقة 2 / ب ص 208).
و من جهة أخري تعمل كوريا الجنوبية على تشجيع البحث العلمي و الذي تخصص له 2.8 % من ناتجها الداخلي الخام (تقريبا نفس النسبة التي تخصصها اليابان للبحث العلمي)
و بذلك فهي تحتل الرتبة الثانية بعد اليابان في لائحة 10 دول الكبرى في مجال البحث العلمي (الوثيقة 3 / أ ص 208) . و قد ساعد نمو البحث العلمي في تطوير الصناعة العالية التكنولوجيا في كوريا الجنوبية التي أصبحت تفرض منتجاتها بقوة في الأسواق العالمية (الوثيقة 3 / ب ص208). و تعتبر مدن سيول (10 مليون نسمة) و بوسان (3 مليون نسمة) و أولسان أقطابا اقتصادية و موانئ أساسية للمعاملات التجارية مع الخارج في حين تعتبر طايكو و تايوون و كوانغ يو أقطابا تكنولوجية . وتتميز سيول العاصمة بطابعها المعماري الحديث الذي يساعد على المزيد من الانتشار و التوسع و بالتاي المزيد من القوة.

IV – المشاكل و التحديات التي تواجه كوريا الجنوبية.

1 – المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية في كوريا الجنوبية:
يواجه اقتصاد كوريا الجنوبية تحديات و رهانات كبيرة يمكن ان تحد من تطوره في حالة عدم التصدي لها و معالجتها .
- ساهم انطلاق المسلسل الديمقراطي الذي انطلق منذ سنة 1987 في ارتفاع حدة مطالب الشغيلة التي عانت من قمع الأنظمة الديكتاتورية السابقة. فتسببت الإضرابات العمالية المتكررة في كوريا في خسائر تقدر بملايين الدولارات . كما ساهمت الزيادات في الأجور التي تجاوزت 15 % سنويا في ارتفاع أسعار المنتجات الكورية في الأسواق العالمية مما أضعف قدرتها التنافسية أمام منتجات تايوان و سنغافورة و باقي دول جنوب شرق آسيا.(الوثيقة 1 / أ – ب ص - 209 – 210).
- يعتبر إفلاس شركة "دايو" ( Daewoo) سنة 2000 و على ذمتها 17 مليار دولار من الديون بعد اختفاء مؤسسها المتهم بسرقة 80 مليار دولار ضربة قاسية بالنسبة لاقتصاد كوريا خصوصا و أن هذه الشركة كانت تعد مفخرة صناعة السيارات في البلاد فقد تم تفويتها لشركة جنرال موتورز الأمريكية التي اقتنت 76 % من أسهمها .
2 – التحديات البيئية التي تواجه كوريا الجنوبية:
تشكل الطاقات ذات المصدر الملوث في كوريا الجنوبية نسبة كبيرة مقارنة بالطاقات النظيفة. فهي تمثل 97 % من مجموع الطاقة المستعملة (الطاقة النووية 38.2 % ، الفحم الحجري 37.6 %، الغاز الطبيعي 16.4 % و البترول 4.8 %) في حين لا تتعدى الطاقات النظيفة المتجددة 3 % (الطاقة الكهرومائية 1.7 % و مصادر أخرى 1.3%) و يشكل الاعتماد الكبير على هذا النوع من الطاقة خطورة كبيرة على البيئة المحلية و العالمية بسبب ما تساهم به كوريا من غازات دفيئة تسام في تفاقم الاحتباس الحراري. (الوثيقة 1 ص210). كما أصبحت الطاقة النووية تشكل خطرا حقيقيا على المحيط البيئي بسبب تسرب الأجسام المشعة خصوصا و أن الدولة تعترف بضعف الأنظمة الأمنية في المحطات النووية. (الوثيقة 2 ص 211).

الخاتمة: استطاعت كوريا الجنوبية الخروج من دائرة دول العام الثالث بفضل مقوماتها البشرية و مرونة نظامها السياسي و أسس نموذجها التنموي . لكنها تحتاج إلى مضاعفة الجهود لمواجهة التحديات الاجتماعية و البيئية حتى تضمن الاستمرارية والبقاء في نادي دول الشمال .
الأستاذة أمينة كرامي الأستاذ عبد الله عثماني
ثانوية للا أمينة ثانوية الإمام الغزالي

الوحدة 12

البرازيل:
نمو اقتصادي و استمرار التفاوتات في التنمية البشرية.


تمهيد و إشكال: يشغل البرازيل ½ مساحة أمريكا الجنوبية ب 8511965 كلم² (ر 5°ع). و يتجاوز عدد سكانه 180 مليون نسمة. و بفضل التطور الاقتصادي الذي شهده في منتصف الستينات من القرن الماضي. أصبح 2 قوة اقتصادية في العالم الثالث بعد الصين . و 9 قوة صناعية على الصعيد العالمي . و رغم ذلك فإنه لا زال يعاني من مشاكل اجتماعية حادة تتمثل في شساعة التفاوت بين الفئات الاجتماعية . و التباين بين مناطقه في مجال التنمية البشرية.و ينقسم البرازيل إلى ثلاثة مناطق أساسية حسب مؤشر الفقر: المنطقة الشمالية الشرقية بمؤشر مرتفع، المنطقة الشمالية الغربية بمؤشر متوسط ثم المنطقة الجنوبية بمؤشر ضعيف.
فما هي مظاهر النمو الاقتصادي بالبرازيل و العوامل المفسر له؟ و ما هو حجم التفاوت الاجتماعي بين الفئات الاجتماعية و المناطق البرازيلية؟

I – مظاهر النمو الاقتصادي بالبرازيل.

1 – مظاهر تطور الفلاحة البرازيلية:
توضح الخريطة (أنقل الوثيقة 1 / أ ص 187) أهم المنتجات و المناطق الفلاحية في البرازيل .حيث نلاحظ غلبة المزروعات التسويقية في الجنوب و على الشريط الساحلي و التي تتمثل في البن ، الصوجا، قصب السكر و القطن. بالإضافة إلى التربية الحديثة للماشية. في حين تنتشر التربية الخفيفة للمواشي في المناطق الداخلية أما المناطق الغربية التي تسود بها الغابات الاستوائية (حوض الأمازون) فيعتمد اقتصادها على القطف.و تسود الزراعة المعيشية في "مضلع الجفاف" في الشمال الشرقي (هضاب ساو فرانسيسكو) . و تنتشر الزراعات التسويقية على حساب المنتجات المعيشية في الأراضي الخصبة. كالبن الذي تسود زراعته فوق هضبة ساوو باولو و يقدر إنتاجه ب 2.179 مليون طن / س (ر1°ع) .أما قصب السكر فيقدر إنتاجه ب 420.121 مليون طن / س (ر1°ع) . و تنافس البرازيل دولة الكوت ديفوار في إنتاج الكاكاو ب حولي 0.214 مليون طن / س. و تحتل البرازيل الرتبة 3 في إنتاج الذرة و الرتبة الأولى في إنتاج الحوامض ب 17.805 مليون طن / س. و القطن 3.727 مليون طن / س الرتبة 6°ع. (الوثيقة 1 / ب ص 187). و تعتبر الصوجا المنتوج الرئيسي للبرازيل بحوالي 24 مليون طن / س و تنتشر زراعتها على مساحة تقدر ب 16 مليون هكتار في منطقة ماتو كروسو(Mato Grosso ) و تعتمد على أحدث التقنيات الزراعية في ضيعات شاسعة (الوثيقة 2 / أ – ب ص 187 -188). كما تعتمد الفلاحة البرازيلية على تربية الماشية التي تحضي باهتمام كبير خاصة في الجنوب حيث تنتشر المراعي الاصطناعية لتربية الأبقار (الوثيقة 3 / ب ص 188). و تقدر الثروة الحيوانية البرازيلية ب 192 مليون رأس من الأبقار (ر1°ع) 14.2 مليون رأس من الأغنام و 33 مليون رأس من الخنازير (ر3°ع) (الوثيقة 3 / ا ص188).
2 – مظاهر النهضة الصناعية و التجارية بالبرازيل:
أ – النهضة الصناعية البرازيلية: تشير الخريطة ص 189 (أنقل الوثيقة 1 / أ ص 189) إلى المناطق و الإنتاج الصناعي بالبرازيل. فمن خلالها يتبين تمركز الصناعات الحديثة في الجنوب و خاصة مابين مدينتي "ريو دي جانيرو(Rio de Janeiro) و بورتو أليكري (Porto Allegre) حيث تتواجد أكبر المراكز الصناعية و يشكل المثلث الصناعي الرئيسي أكبر تمركز للقوة الصناعية البرازيلية و يتكون هذا المثلث من مدن ريو دي جانيرو- ساوو باولو( Sao Paolo) – و بيلو أوريزانتي (Bielo – Horizente) . و تتجمع صناعات المواد الأولية في المنطقة الشمالية .في حيث تتواجد الصناعات القديمة (صناعة الصلب ، الصناعة الكيماوية، صناعة المواد الغذائية...) في الشمال الشرقي ما بين مدينتي بيليم و سلفادور . فقد استطاع البرازيل تحقيق نهضة صناعية منذ منتصف القرن 20. حيث تضاعفت قيمة إنتاجه الصناعي أكثر من أربع مرات. فهو يحتل الصف الأول كقوة صناعية في أمركا الجنوبية في مجال الصناعات التقليدية . و طور إلى جانب ذلك، بعض الصناعات العالية التكنولوجيا. كصناعة الطائرات (ر4°ع) (الوثيقة 1 / ب ص 189). و يقدر الإنتاج البرازيلي في مجال صناعة السيارات ب 1.3 مليون وحدة . كما طور مشروع تصنيع السيارة ذات الوقود الثلاثي (Flux – Fuel) التابعة لشركة جنرال موتورز . التي تتوفر على محرك يشتغل بالبنزين أو كحول الإيتانول أو الغاز الطبيعي. و يستهلك السوق البرازيلي حوالي 90% من السيارات المصنعة محليا. كما يتم تصدير جزء من الإنتاج نحو دول أمريكا اللاتينية. و تزويد الشركات الأم في أوروبا و و.م.أ بقطع الغيار (الوثيقة 2/ أ ص 489).
ب – النهضة التجارية بالبرازيل: تزايدت مساهمة التجارة الخارجية في الناتج الداخلي الخام للبرازيل بفضل سياسة تشجيع الصادرات. خصوصا بعد إبرام اتفاقية التعاون بين أربع دول من أمريكا الشمالية و هي البرازيل و البراغواي الأرجنتين و الأوراغواي ا في إطار إنشاء "السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية" ( Mercosur) بمقتضى معاهدة "أسنسيون" (البراغواي) في 26 مارس 1991 و التي تم تفعيلها في يناير 1995 .و تتكون بنية الصادرات البرازيلية كالتالي :
تمثل المواد الصناعية 65.7 % من مجموع الصادرات البرازيلية . و المنتجات المعدنية 10%، و تمثل المنتجات الصناعية الغذائية 9.9 %، و المنتجات نصف المصنعة
8.2 % في حين تمثل المنتجات الفلاحية 6.2 % . (الوثيقة 3 / أ ص 190). و توضح الخريطة (الوثيقة 3 / ب ص 190) حجم المبادلات البرازيلية مع دول السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية و التي تقدر ب 1376000 دولار و التي تجعل منها القوة التجارية الأولى على صعيد المجموعة.

II – العوامل المفسرة لنمو الاقتصاد البرازيلي.

1 – المؤهلات الطبيعية و البشرية :
تقدر مساحة البرازيل ب 8547400 كلم² (ر5°ع) (الوثيقة 1 / أ ص 190). و يمتد على طول 3 خطوط زمنية . و يشكل حوض الأمازون 42 % من المساحة العمة للبرازيل و تختزن نهر الأمازون و روافده (110 رافد) حوالي 20 % من إجمالي المياه العذبة في العالم (الوثيقة 1 / ب ص 191). و يزخر باطن أرض البرازيل بثروات معدنية هامة خصوصا منطقة "ميناس جيريس" في الجنوب .و من أهم هذه الثروات ، الحديد التي يقدر احتياطه ب 18 مليار طن أما الإنتاج فيصل إلى 100.3 مليون طن / س (ر1°ع) و يصدر جله إلى الخارج. كما يتوفر البرازيل على احتياطات هامة من البوكسيت و المنغنيز و الذهب . و ينقسم المجال الصناعي البرازيلي إلى أربع مجالات رئيسية:(الوثيقة 2 ص 191)
* مجال الصناعات الحديثة و الذي يمتد على الساحل الجنوبي الشرقي حيث تتواجد أهم المراكز الحضرية و الصناعية للبرازيل خصوصا المثلث الصناعي الرئيسي ( ريو دي جانيرو، ساو باولو و بيلو أوريزانتي).
* مجال الصناعات التقليدية الذي ينتشر على الساحل الشرقي الشمالي و من أهم مراكزه : ببيليم ، ريسيف و سلفادور.
* المجال الخالي من الصناعات و الذي يمتد وسط البلاد.و من أهم مراكزه مدينة برازيليا العاصمة الإدارية للبرازيل.
* المجال الغابوي المكون من حوض الأمازون و من أهم مراكزه مدينة ماناووس.
و يحتل البرازيل الرتبة الخامسة من حيث عدد السكان ب 186423100 نسمة (الوثيقة 3 / أ ص 191) . و يوضح المبيان ص 191 توزيع الساكنة النشيطة البرازيلية حسب القطاعات و المناطق . حيث نجد منطقة الجنوب و الجنوب الشرقي التي تعتبر المنطقة الصناعية بامتياز تتوفر على ساكنة نشيطة تتوزع كالتالي ما بين 50 و 60 % في مجال الخدمات و 20 و 22 % في المجال الصناعي و ما بين 12 و 25 % في المجال الفلاحي و المنجمي (راجع الوثيقة 3 / ب ص 191).
2 – العوامل التنظيمية المساعدة على تطور الاقتصاد البرازيلي:
يعمل البرازيليون على خلق توازن بين النمو الاقتصادي و ما ينجم عنه من آثار اجتماعية. و ذلك بتنفيذ سياسة اجتماعية موازية تمثلت في برنامج طموح أطلق عليه اسم "صفر جوع" سنة 2003. يتضمن عدة إجراءات تهدف إلى محاربة ظاهرة الفقر في البلاد عن طريق و ضع إصلاح زراعي و يتضمن برنامجا للقروض و المساعدات المالية للأسر المحتاجة . (الوثيقة 1 / أ ص 192). و يحمل برنامج الإصلاح الزراعي شعار "الأرض لمن يحرثها" (الوثيقة 1 / ب ص 192). و تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد البرازيلي عرف عبر تاريخه تعاقب دورات اقتصادية ارتبطت كل واحدة بمنتوج و نشاط اقتصادي معين و قد تميزت كل دورة اقتصادية بديناميكية التوسع المجالي و تنمية و تعمير مناطق جديدة و ساهمت في وضع الأسس الحديثة للاقتصاد البرازيلي و هذه الدورات هي (الوثيقتان 2 / أ – ب ص 192 -193):
* دورة قصب السكر: القرنين 16 و 17 ، حيث كان الاقتصاد يعتمد على إنتاج قصب السكر و تصدير السكر. و خلال هده الدورة كان توسع المجال الاقتصادي ينحصر في الساحل الشرقي و ضفاف نهر الأمازون
* دورة المعادن الثمينة: القرن 18، حيث انصب الاهتمام على استخراج الذهب على الخصوص في المناطق الوسطى الأمر الذي ساهم في تطور المجال في اتجاه الهضاب الداخلية و تقليص المجالات غير المستغلة .
* دورة المطاط و القطن ثم البن: القرن 19 إلى حدود أزمة 1929 . و ارتبطت هذه الدورة باستغلال أشجار الهيفيا لإنتاج المطاط الطبيعي في غابة الأمازون و زراعة البن في هضاب ساوو باولو و القطن في الشمال الشرقي . المر الذي ساهم في تعمير عدة مناطق و توسيع المجال المستغل في كل أنحاء البلاد.
* التحكم في المجال: القرن 20. ساهم اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية في توضيح خطورة الاعتماد على القطاع الفلاحي و المنتوج واحد. لهذا تقرر تبني إستراتيجية التصنيع و التي ساهمت في التحكم أكثر في المجال . عن طريق توسيع شبكة النقل و تشجيع الهجرات السكانية نحو المناطق الداخلية الغنية بالمواد الأولية .
و قد ساعد الحضور القوي للبرازيل في المحافل الدولية على تنمية اقتصاده و تزكية دوره كقوة رائدة لدول الجنوب . فهو يسعى إلى الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن بالأمم المتحدة. من خلال مبادراته الرائدة كمشاركته في قيادة قوات الطوارئ الأممية في أزمة جزر هايتي سنة 2004 . و دوره القيادي في مجموعة 20 ( G 20) خلال مفاوضات منظمة التجارة العالمية ب"كانكون في المكسيك سنة 2003 لتمكين دول الجنوب من سهولة تسويق منتجاتها الفلاحية في دول الشمال .(الوثيقة 3 ص 193).

III – التفاوتات السوسيومجالية بالبرازيل.

1 – حجم التفاوتات المجالية بالبرازيل :
تشكل التفاوتات المجالية في البرازيل أحد الرهانات التي تحاول الدولة التخفيف من حدتها وهي كالتالي:

المناطق البرازيلية توزيع السكان (%) توزيع الدخل(%)
الجنوب الشرقي 42.6 58.3
الشمال الشرقي 28.1 13.1
الجنوب 14.6 17.7
الوسط الغربي 6.9 6.4
الشمال 7.8 4.5
يلاحظ من خلال الجدول استئثار منطقة الجنوب الشرقي بأكبر النسب. سواء على مستوي التوزيع السكاني، أو توزيع الدخل. و هذا راجع لدورها الأساسي في الاقتصاد الوطني باعتبارها قاطرة التنمية الاقتصادية البرازيلية. و احتضانها لأغلب الأنشطة الصناعية في البلاد. و استقطابها لأهم الاستثمارات الخارجية. زيادة على أهميتها على مستوى معدل التمدين الذي يقدر ب 91% . و الدخل الفردي الذي يبلغ 4200 دولار للفرد مقابل 1400 دولار للفرد في منطقة الشمال الشرقي التي تسجل أقل معدل التمدين بين المناطق البرازيلية (69 %) (راجع الوثيقة 1/ ب ص 194) . و توضح الوثيقة 2 / ب ص 195) مسار المنطقتين التي تفسر ظاهرة التباين بينهما.فبينما اعتمد الجنوب الشرقي على نظام اقتصادي عصري في مزارع القطن خلال القرنين 19 و 20 استمر الشمال الشرقي في اعتماده على النظام التقليدي العبودي منذ القرن 16 في مزارع قصب السكر. المر الذي أفرز محيطا اقتصاديا و اجتماعيا مساعد على التطور في الجنوب الشرقي و محيط اقتصادي و اجتماعي غير مساعد على التطور في الشمال الشرقي (راجع الوثيقة 2 / ب ص 195) . فعلى هذا الأساس ظهرت بالمنطقة الجنوبية الشرقية مراكز حضرية و اقتصادية قوية كمدينة ساوو باولو التي تعد اكبر المدن الجنوبية و العالمية من حيث عدد سكانها و كثافة أنشطتها الاقتصادية فهي تحتضن 10 % من إجمالي ساكنة البرازيل و تساهم ب 23 % من الناتج الوطني الخام . (الوثيقة 3 / أ ص 195) . في حين تتميز منطقة الشمال بتفاقم حدة الفقر الذي بلغت نسبته إلى 44 % سنة 2001 و ذلك بسبب عمق التفاوتات بين مجالاته (الوثيقة 3 / ب ص 195). نستنتج إذن خطورة التباين المجالي الذي سيعطل مسيرة التنمية الاقتصادية في البرازيل .
2 – ضخامة التفاوتات الاجتماعية بالبرازيل:
تبين الخريطة (الوثيقة 1 / أ ص 196) التباين الواضح بين المناطق البرازيلية على مستوى مؤشر التنمية البشرية، و الذي يتراوح ما بين 0.800 في المناطق الجنوبية الشرقية و 0.650 في الشمال الشرقي . و هذا راجع لتفاقم ظاهرة التفاوت في توزيع الثروات بين فئات المجتمع البرازيلي. حيث تستحوذ 10 % من الفئات الغنية على 63% من الدخل الوطني. في حين لا تتعدى حصة 20% من الفئات الأكثر فقرا 2% من الدخل الوطني (الوثيقة 1 / ب ص 196). بالإضافة إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية في البوادي. فأكثر من ثلثي سكان الأرياف (البوادي) أي حوالي 20 مليون نسمة، يعانون من الفقر المتمثل في ضعف الدخل، و تفشي الأمية و السكن الغير اللائق. و يتمركز أغلب هؤلاء الفقراء في منطقة الشمال الشرقي و حوض الأمازون. حيث تسود أراضي اللاتفونديا (و هي ضيعات شاسعة يزاول فيها كبار الملاك الزراعة الواسعة. بالاعتماد على يد عاملة مكونة من فقراء الفلاحين) (الوثيقة 2 / أ ص 196) . و تشكل الضيعات الكبيرة من حجم 2000 هكتار فما فوق 0.4 % من مجموع الاستغلاليات الفلاحية. في الوقت الذي تغطي
34 % من إجمالي المساحة المستغلة. بينما تمثل الضيعات الصغيرة من حجم 10 هكتارات فأقل، 49.6 % من مجموع الاستغلاليات الفلاحية. لكنها لا تغطي سوى 20.2 % من إجمالي المساحة المستغلة. (راجع الوثيقة 2 / ب ص 196). يوضح هذا التوزيع المتفاوت للأراضي الفلاحية، مدى عمق المشاكل التي تتخبط فيه أغلبية الساكنة الفلاحية في البرازيل .مما يؤدي إلى تصعيد لهجة الاحتجاج التي ينظمها الفلاحون بدون أرض للتعبير عن رفضهم للوضع القائم و مطالبتهم بالتغيير. و قد أدى الوضع المتردي الذي تعيشه ساكنة الأرياف إلى تصاعد وتيرة الهجرة القروية . فترتب عن ذلك انتشار الأحياء الهامشية و الفقيرة في ضواحي المدن (أحياء الفافيلا Favelas) (الوثيقة 3 / أ ص 197) . و توضح الوثيقة 3 / ب ص 197 تطور أحياء الفافيلا بمدينة ريو دي جانيرو من حيث عدد السكان. فقد كانت تضم 170000 نسمة سنة 1950 أي ما يعادل 7 % من ساكنة المدينة.و في سنة 2005 ارتفع هذا العدد إلى 1100000 نسمة، أي ما يعادل 20 % من ساكنة المدينة.

الخاتمة: رغم التطور الذي حققه البرازيل في المجال الاقتصادي ، فإن التفاوتات السوسيومجالية الكبيرة تشكل عبئا ثقيلا لا يساعد على تسريع وتيرة النمو للخروج من دائرة التخلف .
ذة. أمينة كرامي ذ. عبد الله عثماني
ث. للا أمينة ث. الإمام الغزالي

الوحدة 11.

الصين قوة اقتصادية صاعدة.



تمهيد و إشكال: تعتبر الصين "مصنع العالم". و ذلك نظرا للتحول الذي شهده اقتصادها خلال 2/1 الثاني من القرن الماضي . فقد أصبحت مركزا مهما لاستقطاب الاستثمارات الخارجية . و أكدت مساهمتها القوية في الإنتاج العالمي الفلاحي و الصناعي. حيث تحتل الرتبة 3° عالميا في إنتاج قصب السكر، و 1° في إنتاج القطن. و تتوفر على أول قطيع للأغنام في العالم بحوالي 170 مليون رأس. و تساهم ب 50 % من الإنتاج العالمي للحواسيب المحمولة. و 70 % الإنتاج العالمي من لعب الأطفال. كما دخلت مجال الصناعة الفضائية.
فما هي مظاهر قوة الاقتصاد الصيني؟ و ما هي المعيقات التي تحد من تطور الاقتصاد الصيني؟

- مظاهر قوة الاقتصاد الصيني.I

1 – مظاهر قوة الفلاحة و الصناعة في الصين :
أ - القطاع الفلاحي: توضح الخريطة ص. 175 (أنقل الخريطة الوثيقة 1 ص 175) انقسام الصين إلى منطقتين فلاحيتين متباينتين
* المنطقة الغربية التي تتميز بمساحاتها الشاسعة المكونة من السهوب، التي يسود فيها نمط الترحال و نصف الترحال. و الصحاري التي يكاد ينعدم فيها النشاط الزراعي باستثناء الواحات المتناثرة خصوصا في أقصى الشمال الغربي .
* المنطقة الشرقية و الساحلية حيت تتمركز أهم الأنشطة الفلاحية كزراعة الحبوب في الشمال و الوسط . زراعة الأرز التي تنتشر في الجنوب الشرقي. زراعة قصب السكر في أقصى الجنوب الشرقي .و تتواجد الزراعات السقوية على ضفاف الأنهار .
و قد عرف الإنتاج الفلاحي الصيني تطورا كبيرا . و يتجلى ذلك من خلال الجدول: أهم المنتجات الزراعية بالصين سنة 2003(لوثيقة 2 ص 175) حيث نلاحظ أهمية المساهمة الصينية في الإنتاج العالمي خصوصا الفول السوداني بحصة 43 %. و السلجم (الكولزا) ب 31.2 % .و بذلك تمكنت الصين من تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للسكان .رغم بعض المشاكل التي لا زالت مرتبطة بالقطاع الفلاحي كضعف مستوى المكننة و الأسمدة الكيماوية . و خطر الفيضانات في المناطق الشرقية و الوسطى و الجفاف في المناطق الغربية . الأمر الذي يحتم على الصين اللجوء، في بعض السنوات ، إلى استيراد بعض المنتجات الفلاحية لسد الحاجيات الغذائية الأساسية للسكان .
ب – القطاع الصناعي: (انقل الخريطة ص 176). تتوفر الصين على عدة مؤهلات صناعية تتمثل في وفرة المواد الأولية و مصادر الطاقة. و توضح الخريطة (الوثيقة 1 ص 176) تطور المجال الصناعي الصيني. الذي بدأ يتوسع في اتجاه الغرب. بظهور مناطق صناعية حديثة . لكن هذا التوسع، لم يقلل من أهمية المناطق الساحلية الشرقية. خصوصا الواجهة الشرقية الوسطى، الممتدة من بكين إلى شنغهاي ،حيث تتمركز غالبية النشاط الصناعي الصيني . و هذا راجع لكون المنطقة تحتضن أكبر الموانئ، و أكبر الأحواض الفحمية. و تستقطب جل الاستثمارات الخارجية. خاصة المناطق الاقتصادية الحرة، في الجنوب الشرقي، حيث تتواجد مدينتي هونغ كونغ و كوانغزهو( Hong Kong , Guangzhou). و تحاول الحكومة الصينية تشجيع انتشار النشاط الصناعي في اتجاه الغرب، الذي يتوفر على مؤهلات طاقية مهمة (البترول). و قد حققت الصناعة الصينية طفرة قوية مكنتها من احتلال مكانة مهمة على الصعيد العالمي. فهي تحتل الصف الأول عالميا في إنتاج الصلب ب نسبة 15 % من الإنتاج العالمي. و الصف الثالث في صناعة الألمنيوم . و الصف الأول في مجالي صناعة الأنسجة القطنية و النسيج الاصطناعي . كما انفتحت على العالم الرأسمالي باستقطابها لعدة استثمارات خارجية كشركة فولكسفاكن الألمانية التي فتحت فرعا لها بمدينة شانغاي . و قد ساهم هذا الانفتاح في تطور مكتسبات الصين في المجال التكنولوجي. و التي وظفتها في تنمية قوتها الصناعية التي أصبحت تنافس القوى الاقتصادية الكبرى في الأسواق العالمية
2 – مظاهر قوة التجارة الصينية و مدي استقطابها للاستثمار الخارجي :
استطاعت الصين ولوج المجال التجاري العالمي بقوة فقد استطاعت مضاعفة صادراتها ما بين سنتي 1990 و 2002 .و فرضت منتجاتها في كل السواق العالمية .(الوثيقة 1 ص 177). فقد ارتفعت واردات و.م.أ من الصين من 5197 مليون دولار سنة 1990 إلى 69950 مليون دولار سنة 2002 . كما ارتفعت الواردات الأوروبية من الصين ما بين سنتي 1990 و 2002 من 9317 مليون دولار إلى 59226 مليون دولار. و ارتفعت صادرات الصين نحو دول آسيا باستثناء اليابان من 3044 مليون دولار إلى 121878 مليون دولار. نستنتج من خلال هذه الوثيقة الهيمنة التجارية التي أصبحت الصين تفرضها على الأسواق العالمية و التي دفعت مجموعة من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية و بعض دول أوروبا كفرنسا إلى التفكير في اتخاذ مبادرات جدية لمواجهة هذه الهيمنة. فقد كانت هذه الدول تنظر للصين باعتبارها كتلة بشرية لا تشكل أي تهديد اقتصادي. لكن العقود الخيرة من القرن الماضي جعلت من الصين قوة اقتصادية فرضت تغيير معالم خريطة القوة الاقتصادية في العالم. و أصبحت تنافس و.م.أ على مكانتها كأول قوة اقتصادية و التي حافظت عليها مند الحرب العالمية الثانية (الوثيقة 2 ص 177).
و نظرا لهذا التطور الاقتصادي السريع و القوي أصبحت الصين تشكل أكبر مركز عالمي لاستقطاب الاستثمار الخارجي و الذي كان لا يتجاوز سنة 1990 3 مليار دولار تقريبا . فارتفع إلى 34 مليار دولار سنة 1997 ليصل سنة 2003 إلى 54 مليار دولار تقريبا (الوثيقة 1 / أ ص 178) و تحتل الصين (مع هونغ كونغ) الصف الأول في مجال توزيع الاستثمارات الأجنبية بالدول النامية و ذلك بنسبة 41 % (الصين – 32.5% و هونغ كونغ 8.5 % ) (الوثيقة 1 – ب ص 178) . و ترجع أهمية الصين كمركز لاستقطاب الاستثمار الخارجي للمؤهلات التي توفرها البلاد للمستثمرين الأجانب و المتمثلة في وفرة و رخص اليد العاملة و انضباطها. وإحداث و تطوير "المناطق الاقتصادية الخاصة" في الجنوب و التي تقدم تسهيلات جبائية و جمركية و تسمح بتحويل جزء من الأرباح إلى الخارج .
و تشكل الواجهة الساحلية القلب النابض للصين رغم كونها لا تمثل سوى 14 % من المساحة العامة. ألا أنها تضم 41 % من مجموع السكان و تساهم ب 58 % من الناتج الداخلي الخام و تستقطب 88 % من الاستثمارات الأجنبية. و تحقق 10/9 التجارة الخارجية الصينية .كما انه تضم أكبر المراكز الحضرية شانغاي التي تضم حولي 13 مليون نسمة و بيكين حولي 5 مليون نسمة . وتضم اكبر التمركزات الصناعية في الصين و هي من الشمال إلى الجنوب : * منطقة "شين يانغ. * منطقة بيكين. * منطقة شانغاي
* منطقة هونغ كونغ .(الوثيقة 2 ص 178)

II – العوامل المفسرة لقوة الاقتصاد الصيني.


1 – المعطيات الطبيعية بالصين:
أ – تضاريس الصين: (الوثيقة 1 / أ ص 179) تنقسم الصين إلى ثلاث وحدات تضاريسية تتدرج في الانخفاض من الغرب نحو الشرق و هي :
* الصين الغربية : و هي أكثر المناطق ارتفاعا و تتكون من سلاسل جبلية عالية كسلسلة الهيمالايا في الجنوب الغربي (قمة إيفربيست 8848م) . و هضاب يفوق ارتفاعها 4000 م (هضبة التبت) . و أحواض داخلية واسعة في الشمال الغربي ( حوض تاريم) .
* الصين الشمالية : و تتكون من هضاب و سهول منخفضة خصوصا سهل منشوريا الذي يعتبر اكبر السهول الصينية (مساحته 350000 كلم ² ) وأخصبها .
* الصين الجنوبية الشرقية: و هي عبارة عن مساحة شاسعة من التلال المنخفضة.
و تقدر المساحة الإجمالية للصين ب 9589050 كلم² . و تتوزع حسب الاستعمال إلى 10.7 % من الأراضي الزراعية 7 % للمجال الحضري و حوالي 62 % للأراضي غير المستعملة.
و يزخر باطن أرض الصين بالثروات الطبيعية (أنقل جدول الثروات المعدنية و الطاقية ص 179) و التي تشكل أحد الأسس القوية للاقتصاد الصيني و يوضح الجدول مكانة الصين العالمية في بعض المواد كالفحم الحجري و الحديد (ر1°ع) الفضة و الفوسفاط (ر3°ع) الذهب و البوكسيت (ر4° ع) البترول ر 6° ع) .
2 – دور العامل البشري و التنظيمي في القوة الاقتصادية للصين:
تضم الصين أكبر تجمع بشري في العالم (1303934400 نسمة) . و يرجع ذلك لعدة أسباب منها ارتفاع نسبة الولادات التي بلغت سنة 1970، 35 ‰ مقابل 10 ‰ فقط بالنسبة للوفيات الناتجة عن التطور الطبي و الإصلاحات التي قامت بها الحكومة الصينية للحد من الكوارث الطبيعية و ارتفاع مستوى التغذية .إضافة إلى التوجه الثوري الذي كانت تعتمد عليه الدولة الذي يعتبر النمو الديمغرافي عامل من عوامل البناء الاشتراكي . و رغم ذلك فقد حاولت الحكومة الصينية تطبيق التنظيم العائلي منذ 1962 للحفاظ على التوازن بين الاقتصاد و التزايد الطبيعي فشجعت على سياسة "الطفل الوحيد" . و على العموم فإن الساكنة الصينية تتميز بكثافة عامة تقدر ب 136 ن / كلم ²، و يقدر مؤشر الخصوبة ب 1.85 طفل / امرأة. و يصل معدل أمد الحياة إلى 71.44 سنة. و يبلغ معدل النمو السكاني الحالي ب 0.65 % و تقدر الساكنة الحضرية ب 39.58 % من مجموع الساكنة. أما بالنسبة لهرم الأعمار فإن الشريحة 0 – 14 سنة تقدر ب 22.04 % . الشريحة 15 – 64 سنة تقدر ب 70.50 % و الشريحة 65 فما فوق تقدر ب
7.46 % من مجموع السكان. (الوثيقة 1 / أ ص 180)
و ابتداء من سنة 1979 انطلق برنامج اقتصادي يقوم على الانفتاح على العالم الرأسمالي و الذي اقره الرئيس "دينغ كساوبينغ" .(الوثيقة 2 ص 180) و الرامي إلى تغيير المناهج التعليمية لمواكبة التطور . والعمل على اكتساب التكنولوجيا الحديثة و تحديث الصناعات الصينية أي التحول نحو اقتصاد السوق بشكل يتلاءم و مصالح الصين مع الحفاظ على نهجها الاشتراكي.

III - المشاكل و التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني .


1 – التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني على مستوى الطاقة:
استطاعت الصين ولوج نادي الدول الصناعية الكبرى بفضل معدل النمو الذي حققته سنة 2003 و الذي بلغ 9.1 % و الذي سيمكنها من تجاوز فرنسا و بريطانيا في حالة استمراره .كما أصبحت مركزا قويا لجدب الاستثمار الخارجي .لكن هذا التطور يمكن أن تحده الحاجيات الضخمة و المتزايدة للطاقة. و ارتفاع أسعار المواد الأولية و تزايد الواردات لتلبية الطلب الداخلي .و انخفاض الرسوم الجمركية. (الوثيقة 1 ص 181). فالصين تعتبر ثاني مستهلك عالمي للبترول فهي تحتاج إلى استيراد 40 % من حاجياتها
فقد قدر إنتاجها من البترول الخام ب 175 مليون طن سنة 2004 في حين بلغ استهلاكها إلى 314 مليون طن أي 8 % من الاستهلاك العالمي. و يتوقع أن تستورد الصين 2/1 حاجياتها البترولية سنة 2010 و 80 % سنة 2020.(الوثيقة 2 / ج ص 181).و هذا ما يطرح تحديا كبيرا أمام الاقتصاد الصيني مستقبلا.
1 – اختلال التوازن في التنمية الاقتصادية بين المناطق الصينية :
- لم تستطع الصين التغلب على مشكل التباين الإقليمي بين الواجهة الشرقية و المناطق الداخلية و سط و غرب البلاد و يعود هذا التباين إلى عدة عوامل من بينها : التباين الطبيعي بين و واجهة شرقية قليلة الارتفاع و مطيرة و مناطق داخلية مرتفعة وجافة .و تباين الاستقرار البشري الذي يتميز بالكثافة على الواجهة الشرقية أكثر من المناطق الداخلية. و من جهة أخرى استفادت الواجهة الشرقية من سياسة الانفتاح و تأسيس المناطق الاقتصادية الخاصة على الواجهة البحرية الأمر الذي مكنها من الاستفادة أكثر من الاستثمارات الخارجية فهي تضم مراكز القرار كبكين و شانغاي و هونغ كونغ تحيط بها الهوامش المندمجة التي تعرف نهضة صناعية قوية و التي تحيط بها الهوامش الفلاحية حيث تنتشر الأنشطة الفلاحية المهمة و ما تبقى من الصين فهو يمثل الهوامش المتأخرة التي لا زالت تعاني من التخلف الركود الصناعي و التخلف الفلاحي .
- و ينعكس هذا التباين على مستوى معيشة السكان. حيث بدأت الفوارق الاجتماعية تتزايد بين فئة قليلة من أفراد طبقة الميسورين الجدد. الذين يتمتعون بمستوى معيشي مشابه لمستوى أغنياء الدول الرأسمالية. و فئة عريضة من الصينيين الذين يعانون من ظروف معيشية قاسية. خصوصا لدى الفلاحين. فحوالي 28 مليون صيني، يعيشون تحت مستوى خط الفقر كما بدأت البطالة تمس أعدادا هامة من الصينيين في بلد كان همه خلال الثورة الشيوعية هو ضمان الشغل للجميع و تحقيق العدالة الاجتماعية.
- و توضح الخريطة ص183 تباين توزيع الناتج الداخلي الخام حسب الأقاليم الصينية. فنلاحظ استئثار منطقتي شانغاي و هونغ كونغ ب أعلى حصة أي أكثر من 400 مليار يوان (yuan) في حين تقل حصة المناطق الداخلية و هضبة التبت عن 50 مليار يوان(راجع الوثيقة 4 ص 183).

الخاتمة: تمكنت الصين من فرض قوتها الاقتصادية على العالم فقد أصبحت أكبر منافس للقوى الاقتصادية ذات الريادة. و تحولت إلى مركز اقتصادي نشيط بفضل ما يستقطبه من استثمارات خارجية . لكن هذا التفوق يبقى مهددا بسبب تفاقم مشكل الارتباط بالسوق الخارجية في مجال الطاقة .
الوحدة 3

النظام العالمي الجديد و القطبية الواحدة.


تمهيد و إشكال: شهدت العشرية الأخيرة من القرن 20 تحولات هامة و سريعة، أثرت بشكل عميق في العلاقات الدولية. و التي تتمثل في انهيار المعسكر الشرقي، و تراجع المد الشيوعي خصوصا بعد سقوط جدار برلين سنة 1989 و توحيد ألمانيا سنة 1990، و تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991، و سقوط النظام الاشتراكي في دول أوروبا الشرقية. مما أدي إلى انهيار نظام القطبية الثنائية. والإعلان عن قيام "النظام الدولي الجديد" .
فما هي مظاهر تفكك المعسكر الشرقي؟ و ما هي مميزات النظام العالمي الجديد. و دور القطبية الواحدة داخله؟

I - مظاهر انهيار المعسكر الشرقي و التحولات الناتجة عنه.

1 – مظاهر تفكك المعسكر الشرقي في ألمانيا و الاتحاد السوفياتي :
أ – توحيد ألمانيا: تعتبر سنة 1989 سنة ميلاد جديد لدولة ألمانيا. ففي هذه السنة تابع العالم الأحداث المؤثرة لسقوط جدار برلين الذي أعلن إعادة توحيد ألمانيا بعد التقسيم الذي عرفته سنة 1949، حيث تم تقسيمهما إلى ألمانيا الغربية و ألمانيا الشرقية. و أكدت اتفاقية توحيد ألمانيا الموقعة يوم 5 ماي 1990 عن تفعيل هذه الوحدة، وتصفية التواجد الأجنبي فوق التراب الألماني (التواجد السوفياتي ، الأمريكي ، الفرنسي و البريطاني). و قد انعكس هذا التحول في أوضاع ألمانيا على مجموع دول أوروبا الشرقية و الاتحاد السوفياتي ، التي بدأت تتخلى تباعا عن النظام الاشتراكي و تتبنى النظام الرأسمالي الديمقراطي . و التعددية الحزبية.
ب – تفكك الاتحاد السوفياتي: صادقت الجمهوريات المؤسسة للاتحاد السوفياتي ( بيالوروسيا ، فدرالية روسيا، و أوكرانيا) يوم 8 دجنبر 1991 على "إعلان منسك". الذي تم بموجبه تفكيك الاتحاد السوفياتي"... الذي لم يعد موجودا في القانون الدولي و لا وجود له في الواقع الجيوسياسي العالمي..." و قيام "رابطة الدول المستقلة" التي تؤكد على احترام الوحدة الترابية للدول الموقعة على الإعلان و عدم الاعتداء على حدودها و احترام مبادئ الأمم المتحدة و قرارات " اتفاقية هلسنكي". (الوثيقة 3 ص 146). فاضطر "كورباتشوف" وضع حد لمهامه كآخر رئيس للاتحاد السوفياتي و سلم السلطة للرئيس "إيلتسن" كأول رئيس لدولة روسيا الرأسمالية .. و بذلك انتهى النظام الاشتراكي في روسيا و انتهى معه السباق نحو التسلح و الحرب الباردة.(الوثيقة 4 ص 146). و هكذا ظهرت على أنقاض الاتحاد السوفياتي مجموعة من الجمهوريات الجديدة و المستقلة . و اندلعت في نقس الوقت حرب الشيشان بعد رفض روسيا استقلال هذا الإقليم .(الوثيقة 5 ص 147).
2 – تطورات تفكك المعسكر الشرقي في باقي دول أوروبا الشرقية:
خلفت تداعيات توحيد ألمانيا و تفكك الاتحاد السوفياتي، مجموعة من التطورات على صعيد دول أوروبا الشرقية. التي كانت تشكل مع الاتحاد السوفياتي المعسكر الشرقي . فقد عرفت هذه الدول تحولات سريعة و هادئة. انتقلت بها من النظام الاشتراكي إلى نظام السوق. ومن نظام الحزب الوحيد إلى نظام التعديدية الحزبية. كما حدث في تشيكوسلوفاكيا (الثورة الهادئة ) على يد "فاكلاف هافيل " (الوثيقة 1 ص 147). أما جمهورية هنغاريا فقد تحولت من ديمقراطية شعبية إلى دولة رأسمالية تمشيا مع القوانين الدستورية و مرجعية القانون الدولي حيث أصبحت السلطة العليا في يد 15 قاضيا تمت تسمية 5 منهم بعد انتخابات 1990، و 5 آخرين بعد تشكيل البرلمان الذي تولى انتخابهم. و 5 تم تعينهم من طرف البرلمان سنة 1994 .فأصبح المواطن الهنغاري يعيش في ظل نظام تسود فيه الحريات العامة و الفردية و الاقتصاد الحر. و ذلك بعد تراجع سلطة الحزب الماركسي – اللينيني. و يوضح الجدول التحول الديمقراطي الذي عرفته بعض الديمقراطيات الشعبية. (أنقل الوثيقة 3 ص 148).
و قد ساهمت هذه الأحداث و التحولات التي عرفها المعسكر الاشتراكي في سقوط نظام القطبية الثنائية بانهيار قطبه الرئيسي ، الاتحاد السوفياتي .و إعلان "النظام العالمي الجديد" على لسان الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) سنة 1991. معلنا بذلك بداية عهد جديد بدون مواجهات. مما يبعث على التساؤل.كيف سينظم العالم ؟ و ما هي القوة أو القوى التي ستتولى قياديه؟

II - مميزات "النظام العالمي الجديد"

1 – النظام العالمي الجديد:
يرتكز النظام العالمي الجديد على القطبية الواحدة المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي . و قد اعتمدت و.م.أ على مجموعة من الأساليب لتحقيق و تأكيد هيمنتها على العالم منها:
* تقوية حضورها دبلوماسيا و أمنيا و اقتصاديا و ثقافيا في كل أنحاء العالم.(العولمة)
* تنمية سيطرتها على المجال البحري بنشر سلاحها البحري على نطاق واسع خصوصا في المناطق الإستراتيجية.(حاملات الطائرات)
* تنمية سيطرتها على المجال الجوي عن طريق تطوير "برنامج الفضاء العسكري" و توسيع نشر "المضلة النووية".
* تنمية سيطرتها على المجال البري بتطوير إمكانياتها العسكرية. و تسريع وتيرة انتشارها في أي نقطة من العالم .
* توفر القوات الأمريكية على عدة قواعد عسكرية منتشرة في جميع القارات بنسب متفاوتة تبعا لحجم و مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية .
و لتحقيق هذه المكاسب و الحفاظ على استمراريتها، بلغ الإنفاق الأمريكي في المجال العسكري 270 مليار دولار سنويا .
2 – مميزات النظام العالمي الجديد:
تتلخص مميزات النظام العالمي الجديد في :(الوثيقة 2 ص 149)
- المميزات العسكرية المتمثلة في تنامي دور الولايات المتحدة الأمريكية في مراقبة انتشار السلاح النووي و العمل على مواجهته ( كوريا الشمالية و إيران). و ظهور قواعد عسكرية جديدة في العربية السعودية (الدهران) و قطر (السيلية). و من جهة أخرى انضمت مجموعة من الدول الشرقية إلى حلف شمال الأطلسي بعد انهيار حلف وارسو (الوثيقة 4 ص 149).
المميزات السياسية تتجلي في تحكم و.م.أ في قرارات الأمم المتحدة، التي غالبا ما تغض الطرف عن تجاوزاتها. كفرض الحصار على الدول التي تخالف الإرادة الأمريكية (ليبيا، العراق..) و التدخل في المنتديات الدولية و الجهوية للتأثير عليها و حملها على العمل وفق الإرادة السياسية الأمريكية .
المميزات العامة و التي تظهر من خلال ارتفاع حدة التوتر بين الدول لأسباب دينية و إستراتيجية،( الهند و باكستان، الصومال و إثيوبيا ) و أسباب عرقية و إثنية ( بورا ندي رواندا و الكونغو الديمقراطية ). و قد ساهمت هذه الحروب في تكاثر أعداد اللاجئين نظرا لتفاقم الفقر.و الهاربين من المجازر التي تمس المدنيين على الخصوص (مسلمي البوسنة في أوروبا و الصراعات العرقية بين الهوتو و التوتسي في إفريقيا). (الوثيقة 3 ص 149).
و توضح الخريطة ص 150 توزيع مجال القوة في العالم حيث أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تنفرد بصدارة الترتيب كقوة عظمى. تليها دول أوروبا الغربية و روسيا كقوى متوسطة و تندرج الصين و الهند في هذا التوزيع، كقوى صاعدة. و يلاحظ أن أغلب الدول المتوفرة على السلاح النووي تتمركز في أوراسيا ب 7 دول في حين تنفرد و.م.أ بامتلاكه في القارة الأمريكية و ينعدم تماما في القارة الإفريقية ( الوثيقة 5 ص 150) .أما بؤر التوتر و الحروب فتكاد تنفرد بها القارة الإفريقية و جنوب آسيا أي المناطق التي تشكل دول العالم الثالث (الصراع الديني و الصراعات الحدودية و العرقية) .



III – مظاهر القطبية الواحدة و وسائل هيمنتها و بعض ردود الفعل على ذلك.

1 - و سائل الهيمنة السياسية و الدبلوماسية للقطب الواحد:
تتأكد هيمنة و.م.أ سياسيا و دبلوماسيا على المستوى العالمي من خلال سيطرتها على قرارات الأمم المتحدة و توظيفها لخدمة مصالحها و مصالح حلفاؤها. و قد ظهر ذلك جليا من خلال عدة مواقف منها: فرض تشديد العقوبات أو التهديد بذلك، على مجموعة من الدول الرافضة للتدخل الأمريكي في شؤونها ككوريا الشمالية و إيران و سوريا و السودان وليبيا.و يتمثل ذلك في حرمانها من استيراد التكنولوجية المتطورة و بعض المواد الغذائية و جعلها مناطق ممنوعة من استثمارات الشركات المتعددة الجنسية. كما تحاول عزلها سياسيا كسحب التمثيل الدبلوماسي منها و منع دبلوماسييها من التنقل في الخارج و حضور المنتديات الدولية (جلسات الأمم المتحدة في نيويورك).بالإضافة إلى تجميد أرصدتها المالية في الأبناك الدولية. و قد لجأت و.م.أ إلى هذه الأساليب أكثر من 104 مرة . و هذه السياسة تهدد حاليا أزيد من 75 دولة بتهم خرق حقوق الإنسان، أو شن عدوان على طرف آخر.أو تهمة حماية الإرهاب و الإرهابيين أو إنشاء مفاعلات نووية أو الاتجار في المخدرات أو تخريب البيئة. (الوثيقة 2 ص 151) و هكذا أصبحت و.م.أ تتصرف كدركي العالم يستغل نفوذه لخدمة مصالحة الخاصة.
و لفرض زعامتها السياسية على العالم بدأت و.م.أ تتدخل عسكريا، تحت غطاء الأمم المتحدة، في جل النزاعات العالمية. (الوثيقة 3 ص 151).و في بعض الأحيان تتجاوز المنظمة الدولية لحماية مصالحها الأساسية جاعلة الأمم المتحدة أداة تسير وفق متطلبات إستراتيجيتها. فأصبحت تقوم مقام الدول الخمس الكبرى في مجلسي الأمن نظرا لقدرتها على فرض وجهات نظرها على الآخرين (الوثيقة 4 ص 151) و يتجلى ذلك من خلال تزايد العمليات التي تدخلت فيها الأمم المتحد بتوجه من طرف و.م.ا (أنقل الوثيقة 5 ص 151).
2 - مظاهر التدخل العسكري كوسيلة لفرض هيمنة و.م.أ على العالم:
استغلت و.م.أ انهيار المعسكر الشرقي و نهاية الحرب الباردة لبسط نفوذها و هيمنتها على الرأي العالمي . فبعد تحررها من الإكراهات، التي كان يفرضها التوازن الاستراتيجي بين المعسكرين .عملت على إقناع العالم بضرورة التصدي، بشكل جماعي، تحت لواء الأمم المتحدة، لكافة الأخطار التي تهدد السلم العالمي .فاستأثرت بدور الريادة في الإشراف و ترتيب النظام الدولي. تمشيا مع مصالحها، التي تتقاطع مع مصالح مجموعة من الدول الحليفة. مستغلة، من جهة أخرى، مكانتها كزعيمة لحلف شمال الأطلسي. و وضعت قواتها العسكرية لخدمة هذه الأهداف، في حالة عجز المنتظم الدولي. موظفة المادتين 41 و 42 من الفصل السابع لميثاق المم المتحدة لتبرير تدخلها في العالم (الوثيقة 2 ص 152).و هكذا توالت التدخلات العسكرية الأمريكية في عدة أنحاء من العالم

السنوات مناطق التدخل الأمريكي شكل التدخل
1991 العراق تدخل عسكري تحت راية الأمم المتحدة.
1992 ليبيا حصار اقتصادي.
1992-1994 الصومال تدخل عسكري
1999 يوغوسلافيا تدخل عسكري تحت قيادة حلف شمال الأطلسي.
2001 أفغانستان غزو تحت راية الأمم المتحدة.
2003 العراق غزو دون موافقة الأمم المتحدة
حاليا إيران و كوريا.ش ضغط دبلوماسي ضد برامجها النووية.
2 – ردود الفعل على هيمنة القطب الواحد:
أثار موضوع هيمنة القطب الواحد على الساحة العالمية ردود فعل متباينة. فهناك بعض الدول التي تؤيد هذا الاتجاه نظرا لترابط المصالح التي تجمعها مع الولايات المتحدة الأمريكية كبريطانيا على الخصوص . و هناك الدول التي تعارض هذا الطرح و غالبيتها من الدول الفقيرة التي تطالب بنظام دولي عادل. وتنسق جهودها داخل الجمعية العامة لمعارضة هذه الهيمنة. كما تتجلى هذه المعارضة في مواقف بعض الدول القوية تجاه بعض التدخلات الأمريكية كفرنسا ز ألمانيا و روسيا التي عارضت التدخل الأمريكي في العراق سنة 2003. و يوضح عدم الاتفاق بين أعضاء مجلس الأمن حول الملف النووي لكل من كوريا الشمالية و إيران نوعا من المعارضة للمواقف الأمريكية في هذا المجال. و من جهة أخرى ساهمت هيمنة القطب الواحد عالميا في إحداث تغيرات قوية داخل بعض الدول منها وصول الأحزاب اليسارية للسلطة في كل من البرازيل و نيكاراغوا و فينيزويلا.و الحزب المحافظ في إيران . و تزايد الإقبال على صناعة الأسلحة النووية في إيران و كوريا .ش و تطويرها في الهند و باكستان . و ظهرت في مختلف دول العالم ، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية ،جمعيات مدنية معارضة للنظام العالمي الجديد و العولمة كجمعية "أطاك مونديال". (الوثيقة 1 ص 153). و قد أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأيه حول قضية القطب الواحد في خطابه في مؤتمر ميونيخ 15 فبراير 2007 و الذي يتلخص في كون الإجراءات الأحادية الجانب غير مجدية و لن تتمكن من حل المشاكل العالمية التي تتفاقم بشكل مطرد . علاوة على أنها ساعدت على الاستخفاف بالقانون الدولي. (الوثيقة 2 ص 154).

الخاتمة: كانت القطبية الثنائية تقوم أساسا على القوة العسكرية من خلال السباق نحو التسلح و توسيع سياسة الأحلاف.أما القطبية الواحدة فتقوم على أساس توزيع جديد للقوة و السلطة التي تتحكم فيها لإمكانيات الاقتصادية و التكنولوجية. الأمر الذي خول ل و.م.ا فرصة الهيمنة على العالم بحكم سبقها الاقتصادي و التكنولوجي .
الوحدة 6.

الحركات الاستقلالية بالمشرق العربي.

تمهيد و إشكال: حملت السنوات الأولي بعد الحرب العالمية الأولى تطورات خطيرة بالنسبة للمشرق العربي. فقد تقرر وضع جل دوله تحت الانتداب الفرنسي و الإنجليزي بتزكية من عصبة الأمم و طبقا لقرارات مؤتمر سان ريمو (1920) . لكن نضال الشعوب العربية فرض انسحاب الدول الاستعمارية التي خلفت منطقة عربية مجزأة و ضعيفة.
فما هو الإطار العام للحركات الاستقلالية بالمشرق العربي ؟ و ما هي أهم التطورات التي أسفرت عن الاستقلال بالمشرق العربي؟

I – الإطار العام للحركات الاستقلالية بالمشرق العربي.

1 – السياسة التي اتبعتها كل من فرنسا و إنجلترا لتطبيق الانتداب:
بعد انسحاب روسيا من معاهدة سايكس - بيكو و تطبيق تقسيم المنطقة العربية بين فرنسا و إنجلترا. قررت هذه الأخيرة تنصيب عبد الله بن الحسين ملكا على العراق . فنظمت استفتاءا شعبيا أسفر عن موافقة الشعب العراقي على تتويج فيصل ملكا على العراق بسبة 96 % من الأصوات في 23 غشت 1921 و توضح هذه النتيجة تزوير السلطة البريطانية للاستفتاء. (الوثيقة 1 ص 191)
أما فرنسا، فقد خولت للمندوب السامي الفرنسي في سوريا سلطات واسعة. مكنته من التلاعب بالمبادئ الأساسية للقانون العام . وفق ما تمليه المصلحة الاستعمارية. فقد كان يسير الحكومة السورية الصورية و يسيطر على الجيش باعتباره القائد الأعلى. و هو المتصرف الوحيد في السلطة التشريعية و التنفيذية و يمتلك نفوذا واسعا على القضاء.(الوثيقة 2 ص 191) .
ساهمت هذه التصرفات الاستعمارية المستبدة و المهمشة للشعب العربي، في كل من العراق و سوريا، في تحريك الروح الوطنية لدى الأهالي. و ظهور الحركات الوطنية.
2 – الحركات الاستقلالية بالمشرق العربي و التعريف ببعض زعمائها:
* في العراق : شهدت الساحة العراقية انطلاق العمل الحزبي خلال الثلاثينات من القرن 20 و ذلك بظهور حزبين معارضين للحكومة وهما ، الحزب الوطني ببغداد و حزب النهضة بالكاضمية . و حزب موال للحكومة و هو الحزب الحر العراقي ببغداد (الوثيقة 1 ص 191)و يلاحظ أن هذه الأحزاب تستمد شعبيتها من الشخصيات السياسية المؤسسة او المنتمية لها أكثر من برامجها السياسية. و تتكون هذه الشخصيات من أبناء العائلات الغنية أو من شيوخ القبائل أو كبار رجال الجيش و رجال الدين (الوثيقة 2 ص 191).
و يعتبر نوري السعيد أحد الشخصيات السياسية المرموقة في العراق فقد شغل منصب رئيس الوزراء خلال فترة الانتداب و بعد الاستقلال و اشتهر بدوره الأساسي في المفاوضات العراقية الإنجليزية التي أفضت إلى استقلال العراق . و قد تم اغتياله سنة 1958 خلال الثورة التي تزعمها عبد الكريم قاسم.
* في سوريا و لبنان: استقرت الحركة الوطنية السورية في القاهرة و كان لها فرع دائم في جنيف برئاسة الأمير شكيب أرسلان السفير لدى عصبة الأمم للدفاع عن قضية بلاده .كان تعتبر مرجعا هاما للزعماء العرب في مواجهتهم للاستعمار فقد التقى بسعد زغلول و محمد عبده و جمال الدين الأفغاني و محمد بلحسن الوزاني و بلافريج. كما سافر إلى عدة بلدان للدفاع عن القضايا العربية و الإسلامية توفي سنة 1946. و قد عرفت سوريا و لبنان حركة حزبية خلال فترة الاستعمار تتمثل في حزب الشعب السوري بزعامة عبد الرحمان الشهبندر بدمشق. و الذي يطالب بالاستقلال التام لسوريا . و جماعة مستقبل الإسلام بقونية و يتلخص برنامجا في حماية مقومات الدين الإسلامي .أما في لبنان فقد ظهرت جماعة الاتحاديين بزعامة إميل إده التي تعمل على استقلال لبنان التام . و جماعة الدستوريين بزعامة بشارة الخوري و تهدف إلى التحرير التام للبنان و توثيق العلاقات مع البلدان العربية.

II – التطورات التي أفضت إلى الاستقلال بالمشرق العربي.

1 – و ضعية العراق من فرض الانتداب إلى الحصول على الاستقلال:
اندلعت المقاومة العراقية ضد الانتداب الإنجليزي مند سنة 1920. و أدت إلى تعويض الانتداب بمعاهدة ثنائية سنة 1922. و إصدار دستور وطني سنة 1924 .لكن المقاومة استمرت حتى سنة 1930. حيث تم التوقيع على معاهدة 30 يونيو .1930 التي تعترف بموجبها إنجلترا باستقلال العراق . الذي يتعهد بدوره بالحفاظ على المصالح الإنجليزية، المتمثلة في استمرار التواجد العسكري فوق التراب العراقي. و احتفاظ بريطانيا بحق الاستشارة في الشؤون الخارجية للعراق. و حق استعمال بريطانيا للتراب العراقي لإقامة مشاريع اقتصادية .كما تم تعويض المندوب السامي البريطاني بسفير يتمتع بحقوق و امتيازات أكثر من سفراء الدول الأخرى في العراق. و تلتزم بريطانيا بدعم انضمام العراق إلى عصبة الأمم . (الوثيقة 2 ص 193) الأمر الذي تم في أكتوبر من سنة 1932 مقابل تقديم العراق ضمانات لحماية حقوق الأجانب و احترام حقوق الإنسان و الاعتراف بالديون و المعاهدات التي عقدتها الدول المنتدبة. (الوثيقة 3 ص 193).
2 – تطور الأوضاع بسوريا و لبنان ، و ظروف حصولها على الاستقلال:
انطلق الانتداب الفرنسي على سوريا سنة 1920 و في سنة 1922 تم تنصيب حكومة سورية موالية للانتداب.لهذا اندلعت ثورة وطنية انطلاقا من جبال الدروز بزعامة سلطان الأطرش (الوثيقة 2 ص 194) الذي ولد سنة 1889 و قاد المقاومة ضد العثمانيين سنة 1910 و شارك في الثورة العربية الكبرى و قاد ثورة 1925 ضد الانتداب الفرنسي و توفي سنة 1982 بالأردن . ساهمت ثورة 1925( الوثيقة 1 ص 194) التي امتدت على 1927 في إرغام فرنسا على تقديم بعض الإصلاحات منها إجراء أول انتخابات تشريعية سنة 1932 . لكن المقاومة استمرت مما أفضى إلى توقيع معاهدة 1936 التي ترأس فيها هاشم الأتاسي الوفد السوري . و التي تقدر مدتها ب 25 سنة قابلة للتجديد و تنص على منح سوريا الاستقلال مع منح فرنسا حق استعمال قاعدتين عسكريتين بها و حق الاستشارة في الشؤون الخارجية و السماح للجيش الفرنسي باستعمال التراب السوري في حالة الحرب. كما تم توقيع معاهدة مماثلة مع لبنان يوم 13 نونبر من نفس السنة تقضي بفصله عن سوريا و من أشهر رجالات الحركة الوطنية اللبنانية رياض الصلح الذي لعب دورا أساسيا في استقلال بلاده و شغل منصب رئيس الوزراء من سنة 1943 إلى 1945 و قد تم اغتياله بعمان سنة 1951. .و قد استمر الوضع المرتبط بمعاهدة 1936 حتى سنة 1946 حيث تم الجلاء التام للتواجد الفرنسي بسوريا ولبنان.
الخاتمة: ساهم الانتداب الإنجليزي و الفرنسي في المشرق العربي في تجزئة المنطقة و إضعافها . الأمر الذي ساهم في تشتيت القوة العربية و سهل مأمورية التغلغل الصهيوني بفلسطين .
الوحدة 5.

الحركات الاستقلالية بالجزائر و تونس و ليبيا.



تمهيد و إشكال: تعرض الاستعمار الفرنسي في تونس و الجزائر، و الإيطالي في ليبيا، لمقامة شعبية نظمتها الأحزاب و الحركات الوطنية في البلدان الثلاث. كحزب الشعب و جبهة التحرير الوطني في الجزائر . و الحزب الدستوري التونسي و الحزب الحر الدستوري الجديد في تونس . و الجبهة الوطنية المتحدة (طرابلس) و المؤتمر الوطني البرقاوي في ليبيا . و قد ساهمت مواقف هذه الأحزاب الوطنية في إرغام الاستعمار على منح شعوبها الاستقلال . في دجنبر 1951 لليبيا .و في 20 مارس 1956 لتونس . و في 5 يوليوز 1962 للجزائر.
فما هي ظروف نشأة الحركات الاستقلالية في البلدان الثلاث؟ و ما هي برامج هذه الحركات و أساليبها؟ و ما هي التطورات المفضية إلى الاستقلال؟

I – ظروف نشأة الحركات الاستقلالية في كل من الجزائر و تونس و ليبيا .

1 – في الجزائر:
اعتبرت فرنسا الجزائر مستعمرة استيطانية يحضى فيها الفرنسيون بكل الامتيازات فحرمت الشعب الجزائري من حقوقه السياسية و المدنية و يتجلى ذلك في :
* المجال السياسي: - منع الجزائريين من الترشيح في المقاطعات و البلديات. – عرقلة صدور صحافة وطنية ناطقة باللغة العربية. – منع تكوين الأحزاب السياسية.
* المجال الاقتصادي: - استغلال الثروات الطبيعية للبلاد من طرف الاستعمار. – فرض الضرائب المجحفة على الجزائريين.
* المجال الاجتماعي: - استغلال الفلاحين في ضيعات المعمرين و العمال في المعامل الاستعمارية بأجور زهيدة. – منع حق الإضراب و حق التقاعد و التأمين على الشغيلة الجزائرية. (الوثيقة 1 ص 181).
2 – في ليبيا:
بعد القضاء على المقاوم الليبي عمر المختار سنة 1931 ، خلى الجو للقوات الإيطالية التي أحكمت سيطرتها على جل المناطق الليبية و باشرت عمليات الاستغلال بالاستيلاء على أجود الأراضي مستعملة مجموعة من الأساليب منها :
- استحواذ الدولة على كل الأراضي غير المستغلة. – مصادرة أملاك المقاومين الليبيين. – استيلاء الدولة على الأراضي التي تعتبرها ضرورية للمنفعة العامة . – الضغط على العديد من الملاك الليبيين لبيع أراضيهم للدولة بأسعار منخفضة.( الوثيقة 2 ص 181).
3 – في تونس:
تعرض الشعب التونسي لأنواع الحرمان و التشرد بسبب حدة الاستغلال الاستعماري و ثقل الضرائب خصوصا بعدما استحوذت سلطات الاستعمار الفرنسي على أهم الأنشطة الاقتصادية في البلاد و خصوصا القطاع الفلاحي . و ازدادت الأوضاع سوءا بعد اصطدام 11 نونبر 1911 بين القوات الفرنسية و الشباب التونسي المتأثر باحتلال ليبيا. و الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف التونسيين .فقررت السلطات الاستعمارية منع التجول . وصادرت الصحف الوطنية و قامت بمحاكمة المقاومين. (الوثيقة 3 ص 181).
كل هذه الأحداث أدت إلى انتشار الوعي الوطني في البلدان الثلاثة على يد زعماء و مناضلين (الوثيقة 5 ص 182) أمثال عبد العزيز الثعالبي أحد رواد الحركة الوطنية التونسية و مؤلف كتاب "تونس الشهيدة" سنة 1920 الذي شكل المرجعية الأساسية لمبادئ الحزب الدستوري . و مصالي الحاج الذي يعتبر من أبرز زعماء الحركة الوطنية الجزائرية فهو مؤسس "جمعية شمال إفريقيا" سنة 1926 و "حزب الشعب" سنة 1937 و "حركة انتصار الحريات الديمقراطية" سنة 1946 . و محمد إدريس السنوسي الذي تزعم المقاومة الليبية و أصبح ملكا على البلاد بعد حصولها على الاستقلال سنة 1951.

II – برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث و الوسائل التي وظفتها لتحقيق أهدافها.


1 – برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث:
تطورت برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال :(الوثيقة 1 ص 182)
أ - برامج الحركة الوطنية الجزائرية: تأسست جمعية نجم شمال إفريقيا في باريس سنة 1926 و كان برنامجها الوطني يقتصر على بعض الإصلاحات أهمها المساواة بين الجزائريين و الفرنسيين . لكنها منعت من طرف السلطات الاستعمارية سنة 1936 عندما بدأت تطالب بالاستقلال. و في سنة 1931 تأسست "جمعية علماء المسلمين بزعامة الشيخ عبد الحميد بن باديس و التي لم يكن لها برنامج سياسي لكنها ساهمت في توعية الشعب الجزائري بخطورة الاستعمار و حثته على التمسك بهويته الإسلامية - العربية. الوثيقة 3 ص 183).أما حزب الشعب فقد تأسس سنة 1937 و تم تعويضه ب حركة انتصار الحريات الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية و كانت تضم تيارا يدعو إلى العمل المسلح. و في سنة 1954 ظهرت جبهة التحرير الوطني التي اختارت بشكل علني العمل المسلح للحصول على استقلال الجزائر.
ب – برنامج الحركة الوطنية التونسية: أسس عبد العزيز الثعالبي الحزب الليبرالي الدستوري الذي كان يطالب ب إقرار الدستور و منح التونسيين بعض الحقوق و لو في ظل الاحتلال الفرنسي (الوثيقة 2 ص 183). .و تزكي هذا الاتجاه بتأسيس أول نقابة عمالية تونسية سنة 1922 "الجامعة العامة للعمال التونسيين" التي ساهمت في توعية العمال و المطالبة بتحسين ظروفهم. لكن بعض الشباب و على رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة اتهموا حزب الثعالبي ب "البرودة و قلة الحركة" فأسسوا الحزب الدستوري الجديد سنة 1934 الذي اختار البادية كقاعدة لانطلاقه و طالب في البداية بتحسين ظروف عيش التونسيين في ظل الحماية الفرنسية لكنه غير برنامجه بعد الحرب العالمية الثانية فأصبح يطالب بالاستقلال و لو على مراحل بدءا بمنح البلاد حكما ذاتيا .
ج – برنامج الحركة الوطنية الليبية: تعتبر الحركة السنوسية من أقدم الحركات الوطنية في ليبيا فقد ظهرت منذ القرن 19 من طرف الزاوية السنوسية لمقاومة الاحتلال العثماني ثم الاستعمار الإيطالي إلى غاية الحرب العالمية الأولى . و بعد الحرب العالمية الثانية تأسس الحزب الوطني سنة 1945 و طالب باستقلال ليبيا و وحدتها. و في سنة 1947 تأسس المجلس الوطني لتحرير ليبيا في القاهرة و الذي ركز على المطالبة بالاستقلال و تصفية التواجد الأجنبي فوق التراب الليبي.
2 – أهم الوسائل التي استعملتها الحركات الاستقلالية في الدول الثلاث:
(الوثيقة 1 ص 183). اعتمدت الأحزاب الجزائرية في البداية على توعية المواطن الجزائري، عبر اللقاءات و الصحافة الوطنية، كجريدة "الشهاب" الصادرة عن جمعية علماء المسلمين. و كانت تنادي، من حين لآخر، بمقاطعة البضائع الفرنسية، و خوض الإضرابات. و في سنة 1954 انخرطت كل القوى الوطنية في العمل المسلح، كوسيلة لتحقيق الاستقلال،و الذي دشنته "المنظمة الخاصة" بقيادة كل من أحمد بنبلة و الحسين آيت أحمد و بلقاسم كريم و بو ضياف.
أما في تونس، فقد استغلت الأحزاب الوطنية، قبل الحرب العالمية الثانية، العمل الصحافي لنشر أفكارها و توعية الشعب التونسي. كجريدة "صوت تونس" و" العمل التونسي". كما نظمت عدة مظاهرات و احتجاجات (الوثيقة 3 ص 184). أما بعد الحرب، و خاصة خلال الخمسينات، فقد تبنت الكفاح المسلح.عبر تكوين جيش التحرير التونسي، موازاة مع استمرار العمل الصحافي لإبراز عدالة قضيتها.
و في ليبيا فقد تأخر ظهور الأحزاب السياسية إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية لهذا ركزت الحركة الوطنية الليبية على العمل المسلح كوسيلة لفرض مطالبها و تحقيق استقلال البلاد كما هو الشأن بالنسبة للثورة التي قادها الزعيم عمر المختار ما بين سنتي 1922 و 1931(الوثيقة 5 ص 184).

III – التطورات التي أفضت إلى الاستقلال في الدول الثلاث.

1 – ظروف حصول ليبيا عل الاستقلال:
بعد انهزام معسكر المحور و فرض انسحاب إيطاليا من ليبيا، قدم الحلفاء سنة 1949 إلى الأمم المتحدة، مشروع تقسيم ليبيا إلى ثلاثة مناطق نفوذ : منطقة برقة تحت النفوذ الإنجليزي ، منطقة فزان تحت النفوذ الفرنسي و محافظة إيطاليا على منطقة طرابلس (الوثيقة 1 ص 184) . لكن هيئة الأمم المتحدة رفضت المشروع الذي واجهه الشعب الليبي كذلك بموجة من السخط و الاستنكار (الوثيقة 2 ص 184). فقد قررت الهيئة الأممية عدم تقسيم ليبيا. و الإسراع بتحقيق استقلالها الذي لا يجب أن يتأخر عن فاتح يناير 1952. و أن تتشكل الحكومة المحلية. ويقرر الدستور من قبل سكان الأقاليم الليبية (الوثيقة 3 ص 185). و هكذا تم إصدار الدستور الليبي يوم 7 أكتوبر 1951 و تمت مبايعة محمد إدريس المهدي السنوسي ملكا دستوريا على المملكة الليبية المتحدة.
2 – الأحداث التي أدى تطورها إلى استقلال تونس:
يعتبر اغتيال الزعيم النقابي "فرحات حشاد" سنة 1952 بمثابة شحنة ألهبت حماس الوطنيين في تونس و في باقي أقطار المغرب العربي . فقد ارتفعت وتيرة المواجهات المسلحة بين التونسيين و قوات الاحتلال .فاضطرت الحكومة الفرنسية إلى الدخول في مفاوضات سرية مع الزعماء الوطنيين و على رأسهم الحبيب بورقيبة فتقرر منح تونس الاستقلال الذاتي سنة 1954 (الوثيقة 1 / أ - ب ص 185) . و هو نظام يقضي بمنح تونس حق التسيير في بعض المجالات مع احتفاظ فرنسا بتسيير شؤون الأمن و الدفاع و الخارجية. لكن رفض الشعب لهذا النوع من الاستقلال و إصراره على متابعة المقاومة فرض على فرنسا إلغاء "معاهدة باردو" و الاعتراف باستقلال تونس و ذلك يوم 20 غشت 1956.(الوثيقة 3 ص 186).
3 – التطورات التي انتهت باستقلال الجزائر:
رغم الانقسام الذي حدث في صفوف الحركة الوطنية الجزائرية و وضع الزعيم مصالي الحاج تحت الإقامة الإجبارية . استمرت المقاومة الوطنية و التي التجأت للعمل المسلح بتأسيس جبهة التحرير الوطني التي أعلنت عن رغبتها في تأسيس الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية و المتمتعة بسيادتها في إطار المبادئ الإسلامية و تطالب فرنسا ب الاعتراف بالقومية الجزائرية و إلغاء كل القرارات التي تجعل الجزائر فرنسية ضدا على التاريخ و الجغرافيا و اللغة و الدين (الوثيقة1 ص 186) . و أمام الرفض الفرنسي ارتفعت ضراوة المواجهة العسكرية بين المقاومين الجزائريين و القوات الفرنسية. ما بين 1 نونبر 1954 و 19 مارس 1962 . و التي خلفت حسب المصادر الجزائرية مليون شهيد و حسب المصادر الفرنسية فقد فقدت قوات حفظ النظام 24614 قتيلا و 64985 جريحا (الوثيقة 2 ص 186). و حسب تصور فرنسا لمستقبل الجزائر فإنها ترى استحالة انفصال الجزائر عن فرنسا و تطرح أمام الجزائريين اختيارين هما : الارتباط التام بفرنسا ليصبح الشعب الجزائري جزء من الشعب الفرنسي .أو الاستقلال الذاتي حيث سيصبح النظام الجزائري فيدراليا ( الوثيقة 3 ص 186). لكن إصرار الجزائريين على الاستقلال التام أدى إلى تنظيم استفتاء شعبي عن حق تقرير المصير للشعب الجزائري الذي عبر عن رأيه في 8 يناير سنة 1962 و اختار الاستقلال عن فرنسا . فتم توقيع معاهد "أيفيان" ( Evian) 20 مارس 1962 التي تمنح الجزائر استقلالها.

الخاتمة: رغم تباين البرامج و الأساليب بين الدول الثلاث، في مواجهة الاستعمار و البحت عن الاستقلال. فإنها توحدت في رسم الهدف المتوخي. و الذي لا يقبل بديلا عن الحرية و الانعتاق من السيطرة و الاستغلال الاستعماري.

الوحدة 7.

القضية الفلسطينية و الصراع العربي الإسرائيلي.

تمهيد و إشكال: بعد نكبة 1948 سيطرت إسرائيل على 77.4 % من الأراضي الفلسطينية فأصبحت الضفة الغربية تابعة للأردن و ارتبط قطاع غزة بمصر . و دخل الشعب الفلسطيني و معه العالم العربي في صراع مع الصهاينة . و اعتمد الفلسطينيون على الكفاح المسلح . حتى سنة 1994 حيث تكونت السلطة الوطنية الفلسطينية فوق أراضي الحكم الذاتي برئاسة ياسر عرفات طبقا لاتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بواشنطن يوم 13 شتمبر 1993. لكن التعنت الصهيوني أفرغ كل المجهودات السلمية الدولية و استمر الصراع العربي الإسرائيلي الغير المتكافئ إلى الآن .

فما هي مظاهر المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي؟ ز ما هي مظاهر الصراع العربي الإسرائيلي ؟ و ما هي تطورات القضية الفلسطينية و امتداداتها الراهنة؟

I - تطور تنظيم المقاومة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي.

1 – بداية المقاومة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي:

استغل الصهاينة القرار الأممي 181 القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب و اليهود . و انسحاب الجيش البريطاني من فلسطين لإعلان قيام دولة إسرائيل يوم 15 ماي 1948. الأمر الذي رفضه الفلسطينيون و العرب عامة. فاندلعت الحرب بين الفلسطينيين و العصابات الصهيونية التي تتوفر على إمكانيات حربية هامة بالمقارنة مع المقاتلين العرب. لهذا تمكن الصهاينة من بسط نفوذهم على 77.4 % من الأراضي الفلسطينية . و تشريد آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا إلى الدول المجاورة هروبا من المذابح الإسرائيلية. فلم يبق سوى 160 ألف فلسطيني في الأراضي المحتلة. (الوثيقة 1 – 2 ص 198).

2 – مظاهر تنظيم المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي :

ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 برئاسة أحمد الشقيري و تهدف إلى تحرير الأراضي المحتلة اعتمادا على المقاومة المسلحة . و في سنة 1968 استقطبت المنظمة مختلف الفصائل الفدائية الفلسطينية و خصوصا منظمة فتح. و منذ سنة 1969 أصبح ياسر عرفات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية. و في سنة 1974 اعترفت بها الدول العربية المشاركة في مؤتمر القمة العربي بالرباط كممثل وحيد و شرعي للشعب الفلسطيني. و في نفس السنة أصبحت عضوا ملاحظا في الأمم المتحدة (الوثيقة 1 ص 198)

ارتبط اسم المقاومة الفلسطينية باسم ياسر عرفات ( محمد ياسر عبد الرؤوف القدوة الحسيني ) الذي ولد قي 4 غشت 1929. تخرج من جامعة الملك فؤاد الأول بالقاهرة مهندسا في شعبة الهندسة المدنية.انخرط في صفوف اتحاد طلبة فلسطين سنة 1944. و أصبح رئيسا لها. يعتبر من مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية. التي أصبح رئيسا لها سنة 1969. .تم اختياره رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية من طرف المجلس الوطني سنة 1993 حاز على جائزة نوبل للسلام سنة 1994 و توفي يوم 11 نونبر 2004. و اختارت منظمة التحرير العمل المسلح و الفدائي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي و تعتبر "معركة الكرامة" في 21 مارس 1968 من المعارك التي أثبتت فعالية العمل الفدائي فقد أودت بحياة 70 قتيل إسرائيلي و جرح أكثر من 100 آخرين و قدر عدد الشهداء ب 100 فلسطيني و 60 أردني. و إلى جانب العمل المسلح يقوم الفلسطينيون بالمقاومة السياسية من خلال مشاركتهم في مؤتمر القمة العربي بالرباط سنة 1974 و الذي تم خلاله الاعتراف العربي بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني. و مشاركة الرئيس ياسر عرفات شخصيا في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نونبر 1974 . و في 15 نونبر سنة 1988 تم الإعلان عن قيام دولة فلسطين بالمنفى في الجزائر. و شاركت منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمر الدولي للسلام بمدريد الخاص بالقضية الفلسطينية .

II – مراحل الصراع العربي الإسرائيلي.

1 – محطات الصراع العربي الإسرائيلي على المستوى العسكري:

(انقل الخط الزمني، الوثيقة 1 ص 199.) . بعد نكبة 1948 دخلت دول المواجهة في صراع مباشر مع إسرائيل. ففي يونيو 1956 أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس. فبدأت إسرائيل هجومها على مصر يوم 29 أكتوبر 1956 تبعتها كل من بريطانيا و فرنسا بعد رفض مصر للإنذار البريطاني الفرنسي يوم 30أكتوبر.لهذا شنت الدولتان لحرب على مصر في اليوم الموالي (31 أكتوبر ) مما أدي إلى تدمير جزء كبير من الطيران المصري .و مكن "العدوان الثلاثي" إسرائيل من احتلال غزة و ما بين 31 أكتوبر و 3 نوفمبر 1956 و احتلال شبه جزيرة سيناء خلال ثمانية أيام (29 أكتوبر – 5 نوفمبر 1956).نظرا للفراغ العسكري الذي تركه الجيش المصري في هذه المناطق بسبب تمركزه غربي قناة السويس لحماية القناة و مثلت بور سعيد – القاهرة – السويس. فتدخل الاتحاد السوفياتي ضد العدوان على مصر. و قررت الأمم المتحدة إيقاف الحرب و انسحاب الجيوش البريطانية و الفرنسية من مصر و تراجع الجيش الإسرائيلي إلى ما وراء خط الهدنة. (الوثيقة 2 ص 200).

و من جهة أخرى نهجت إسرائيل سياسة هجومية على دول المواجهة و ذلك لفرض واقع جديد على المنطقة و جر الدول العربية إلى التسوية وفق شروطها خصوصا بعد إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 و انطلاق عمليات فتح العسكرية. ومن أهم التحرشات الإسرائيلية في المنطقة تحويل مياه نهر الأردن و قصف كل المشروعات العربية الرامية على تغيير مجرى النهر. قصف المواقع السورية و تعزيز التواجد العسكري الإسرائيلي على الحدود مع سوريا في أوائل ماي 1967 . و في 5 يونيو 1967 قامت إسرائيل بقصف 9 مطارات مصرية فانطلقت بذلك حرب 67 العربية الإسرائيلية .(الوثيقة 3 ص 200). و توضح الخريطة (الوثيقة 4 ص 200) توسع الكيان الصهيوني في الأراضي العربية (فلسطين ، مصر و سوريا.) .و أمام التجاوزات الإسرائيلية أظهرت الدول العربية تضامنا قويا مع دول المواجهة بإرسال تسع دول قوت عسكرية محدودة للمشاركة في الحرب. و جمدت الدول العربية المصدرة للبترول صادراتها نحو الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية و هولندا و تخفيض إنتاج البترول بنسبة 25 % وذلك سنة 1973 مما أدي إلى خلق أزمة طاقية عالمية انعكست على المجال الاقتصادي و الحياة اليومية و خلفت مخاوف كبيرة من حدوث أزمات اقتصادية في الدول المقصودة بالحضر الطاقي. و لم يتخلف المغرب كباقي الدول العربية في المشاركة في هذه الحرب ، فقد أرسل تجريدة ساهمت في الدفاع عن القاهرة و إفشال الإنزال البحري الإسرائيلي الرامي إلى احتلال "الأدبية" و "الصخنة".

2 – المجهودات السياسية لحل الصراع العربي الإسرائيلي:

ساهمت حرب أكتوبر 1973 في تحطيم أسطورة "تفوق الجيش الإسرائيلي" فقد تمكن الجيش السوري من تحطيم الخط الدفاعي الإسرائيلي في الجولان (خط آلون) . و اقتحم الجيش المصري (خط بارليف) و عبر إلى سيناء. لكن التدخل القوي للجيش الأمريكي ساعد الصهاينة على استعادة السيطرة على هضبة الجولان و توقيف الزحف المصري في سيناء. لهذا قررت الحكومة الصهيونية اللجوء إلى أسلوب التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي .ففي هذا السياق انعقدت "اتفاقية كامب ديفيد" سنة 1978 بين مصر و إسرائيل تحت رعاية و.م.أ و ذلك بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين و توقيع السلام و انسحاب إسرائيل من سيناء (الوثيقة 1 ص 201) .

و ساهم المغرب بشكل فعال في السعي لحل الصراع العربي الإسرائيلي . و يتجلى ذلك في تنظيمه ل"مؤتمر فاس " الخاص بالقضية الفلسطينية في شتمبر 1982 . و الذي شهد حضورا عربيا واسعا على مستوى القمة (الوثيقة 3 ص 202) . و قد انبثقت عنه اللجنة السباعية التي يترأسها المغرب و التي كلفها المؤتمر بزيارة عواصم الدول الدائمة في مجلس الأمن لشرح قرارات مؤتمر فاس. (الوثيقة 2 ص 201).

3 – تطورات القضية الفلسطينية و امتداداتها الراهنة:

شهدت بداية التسعينات من القرن الماضي، أحداثا دولية أثرت على العلاقات الدولية. منها انهيار المعسكر الشرقي، و نهاية الحرب الباردة ، و اندلاع حرب الخليج. لهذا تقرر الإسراع بعقد مؤتمر دولي حول السلام في المشرق العربي. و لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي على الخصوص. فانعقد سنة 1991 مؤتمر مدريد، على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام". و أدي إلى ميلاد دولة فلسطين. طبقا لاتفاقية "غزة و أريحا أولا" . و قد أعقبت هذا المؤتمر، عدة اتفاقيات بهدف تحديد الحكم الذاتي الفلسطيني. منها اتفاق أوسلو الأول سنة 1993. الذي سهل مأمورية دخول الزعيم ياسر عرفات إلى غزة سنة 1994 . اتفاق أوسلو الثاني سنة 1995 . لكن هذه الاتفاقيات كانت سرعان ما تفرغ من محتواها بسبب السياسة العدوانية لإسرائيل. التي كانت دائما تماطل في تطبيق القرارات الصادرة عن هذه اللقاءات . وفي 28 شتمبر، قام الوزير الأول الإسرائيلي بزيارة استفزازية لباحة المسجد الأقصى. مما أدي إلى اندلاع انتفاضة الأقصى. التي استغلها الجيش الإسرائيلي لممارسة اعتداءاته الوحشية على الشعب الفلسطيني. مستغلا المواقف السلبية للعالم عموما و العالم العربي خصوصا.

الخاتمة: تعتبر القضية الفلسطينية من القضايا التي أرقت الرأي العام العالمي. فرغم المحاولات الدولية و العربية و التنازلات الفلسطينية . لا زالت إسرائيل تتعامل مع القوانين الدولية بنوع من الاستهتار الأمر الذي يزيد من تعقيد المشكل و معاناة الشعب الفلسطيني.