lundi 10 mai 2010

الوحدة 6.

الحركات الاستقلالية بالمشرق العربي.

تمهيد و إشكال: حملت السنوات الأولي بعد الحرب العالمية الأولى تطورات خطيرة بالنسبة للمشرق العربي. فقد تقرر وضع جل دوله تحت الانتداب الفرنسي و الإنجليزي بتزكية من عصبة الأمم و طبقا لقرارات مؤتمر سان ريمو (1920) . لكن نضال الشعوب العربية فرض انسحاب الدول الاستعمارية التي خلفت منطقة عربية مجزأة و ضعيفة.
فما هو الإطار العام للحركات الاستقلالية بالمشرق العربي ؟ و ما هي أهم التطورات التي أسفرت عن الاستقلال بالمشرق العربي؟

I – الإطار العام للحركات الاستقلالية بالمشرق العربي.

1 – السياسة التي اتبعتها كل من فرنسا و إنجلترا لتطبيق الانتداب:
بعد انسحاب روسيا من معاهدة سايكس - بيكو و تطبيق تقسيم المنطقة العربية بين فرنسا و إنجلترا. قررت هذه الأخيرة تنصيب عبد الله بن الحسين ملكا على العراق . فنظمت استفتاءا شعبيا أسفر عن موافقة الشعب العراقي على تتويج فيصل ملكا على العراق بسبة 96 % من الأصوات في 23 غشت 1921 و توضح هذه النتيجة تزوير السلطة البريطانية للاستفتاء. (الوثيقة 1 ص 191)
أما فرنسا، فقد خولت للمندوب السامي الفرنسي في سوريا سلطات واسعة. مكنته من التلاعب بالمبادئ الأساسية للقانون العام . وفق ما تمليه المصلحة الاستعمارية. فقد كان يسير الحكومة السورية الصورية و يسيطر على الجيش باعتباره القائد الأعلى. و هو المتصرف الوحيد في السلطة التشريعية و التنفيذية و يمتلك نفوذا واسعا على القضاء.(الوثيقة 2 ص 191) .
ساهمت هذه التصرفات الاستعمارية المستبدة و المهمشة للشعب العربي، في كل من العراق و سوريا، في تحريك الروح الوطنية لدى الأهالي. و ظهور الحركات الوطنية.
2 – الحركات الاستقلالية بالمشرق العربي و التعريف ببعض زعمائها:
* في العراق : شهدت الساحة العراقية انطلاق العمل الحزبي خلال الثلاثينات من القرن 20 و ذلك بظهور حزبين معارضين للحكومة وهما ، الحزب الوطني ببغداد و حزب النهضة بالكاضمية . و حزب موال للحكومة و هو الحزب الحر العراقي ببغداد (الوثيقة 1 ص 191)و يلاحظ أن هذه الأحزاب تستمد شعبيتها من الشخصيات السياسية المؤسسة او المنتمية لها أكثر من برامجها السياسية. و تتكون هذه الشخصيات من أبناء العائلات الغنية أو من شيوخ القبائل أو كبار رجال الجيش و رجال الدين (الوثيقة 2 ص 191).
و يعتبر نوري السعيد أحد الشخصيات السياسية المرموقة في العراق فقد شغل منصب رئيس الوزراء خلال فترة الانتداب و بعد الاستقلال و اشتهر بدوره الأساسي في المفاوضات العراقية الإنجليزية التي أفضت إلى استقلال العراق . و قد تم اغتياله سنة 1958 خلال الثورة التي تزعمها عبد الكريم قاسم.
* في سوريا و لبنان: استقرت الحركة الوطنية السورية في القاهرة و كان لها فرع دائم في جنيف برئاسة الأمير شكيب أرسلان السفير لدى عصبة الأمم للدفاع عن قضية بلاده .كان تعتبر مرجعا هاما للزعماء العرب في مواجهتهم للاستعمار فقد التقى بسعد زغلول و محمد عبده و جمال الدين الأفغاني و محمد بلحسن الوزاني و بلافريج. كما سافر إلى عدة بلدان للدفاع عن القضايا العربية و الإسلامية توفي سنة 1946. و قد عرفت سوريا و لبنان حركة حزبية خلال فترة الاستعمار تتمثل في حزب الشعب السوري بزعامة عبد الرحمان الشهبندر بدمشق. و الذي يطالب بالاستقلال التام لسوريا . و جماعة مستقبل الإسلام بقونية و يتلخص برنامجا في حماية مقومات الدين الإسلامي .أما في لبنان فقد ظهرت جماعة الاتحاديين بزعامة إميل إده التي تعمل على استقلال لبنان التام . و جماعة الدستوريين بزعامة بشارة الخوري و تهدف إلى التحرير التام للبنان و توثيق العلاقات مع البلدان العربية.

II – التطورات التي أفضت إلى الاستقلال بالمشرق العربي.

1 – و ضعية العراق من فرض الانتداب إلى الحصول على الاستقلال:
اندلعت المقاومة العراقية ضد الانتداب الإنجليزي مند سنة 1920. و أدت إلى تعويض الانتداب بمعاهدة ثنائية سنة 1922. و إصدار دستور وطني سنة 1924 .لكن المقاومة استمرت حتى سنة 1930. حيث تم التوقيع على معاهدة 30 يونيو .1930 التي تعترف بموجبها إنجلترا باستقلال العراق . الذي يتعهد بدوره بالحفاظ على المصالح الإنجليزية، المتمثلة في استمرار التواجد العسكري فوق التراب العراقي. و احتفاظ بريطانيا بحق الاستشارة في الشؤون الخارجية للعراق. و حق استعمال بريطانيا للتراب العراقي لإقامة مشاريع اقتصادية .كما تم تعويض المندوب السامي البريطاني بسفير يتمتع بحقوق و امتيازات أكثر من سفراء الدول الأخرى في العراق. و تلتزم بريطانيا بدعم انضمام العراق إلى عصبة الأمم . (الوثيقة 2 ص 193) الأمر الذي تم في أكتوبر من سنة 1932 مقابل تقديم العراق ضمانات لحماية حقوق الأجانب و احترام حقوق الإنسان و الاعتراف بالديون و المعاهدات التي عقدتها الدول المنتدبة. (الوثيقة 3 ص 193).
2 – تطور الأوضاع بسوريا و لبنان ، و ظروف حصولها على الاستقلال:
انطلق الانتداب الفرنسي على سوريا سنة 1920 و في سنة 1922 تم تنصيب حكومة سورية موالية للانتداب.لهذا اندلعت ثورة وطنية انطلاقا من جبال الدروز بزعامة سلطان الأطرش (الوثيقة 2 ص 194) الذي ولد سنة 1889 و قاد المقاومة ضد العثمانيين سنة 1910 و شارك في الثورة العربية الكبرى و قاد ثورة 1925 ضد الانتداب الفرنسي و توفي سنة 1982 بالأردن . ساهمت ثورة 1925( الوثيقة 1 ص 194) التي امتدت على 1927 في إرغام فرنسا على تقديم بعض الإصلاحات منها إجراء أول انتخابات تشريعية سنة 1932 . لكن المقاومة استمرت مما أفضى إلى توقيع معاهدة 1936 التي ترأس فيها هاشم الأتاسي الوفد السوري . و التي تقدر مدتها ب 25 سنة قابلة للتجديد و تنص على منح سوريا الاستقلال مع منح فرنسا حق استعمال قاعدتين عسكريتين بها و حق الاستشارة في الشؤون الخارجية و السماح للجيش الفرنسي باستعمال التراب السوري في حالة الحرب. كما تم توقيع معاهدة مماثلة مع لبنان يوم 13 نونبر من نفس السنة تقضي بفصله عن سوريا و من أشهر رجالات الحركة الوطنية اللبنانية رياض الصلح الذي لعب دورا أساسيا في استقلال بلاده و شغل منصب رئيس الوزراء من سنة 1943 إلى 1945 و قد تم اغتياله بعمان سنة 1951. .و قد استمر الوضع المرتبط بمعاهدة 1936 حتى سنة 1946 حيث تم الجلاء التام للتواجد الفرنسي بسوريا ولبنان.
الخاتمة: ساهم الانتداب الإنجليزي و الفرنسي في المشرق العربي في تجزئة المنطقة و إضعافها . الأمر الذي ساهم في تشتيت القوة العربية و سهل مأمورية التغلغل الصهيوني بفلسطين .
الوحدة 7.

القضية الفلسطينية و الصراع العربي الإسرائيلي.



تمهيد و إشكال: بعد نكبة 1948 سيطرت إسرائيل على 77.4 % من الأراضي الفلسطينية فأصبحت الضفة الغربية تابعة للأردن و ارتبط قطاع غزة بمصر . و دخل الشعب الفلسطيني و معه العالم العربي في صراع مع الصهاينة . و اعتمد الفلسطينيون على الكفاح المسلح . حتى سنة 1994 حيث تكونت السلطة الوطنية الفلسطينية فوق أراضي الحكم الذاتي برئاسة ياسر عرفات طبقا لاتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بواشنطن يوم 13 شتمبر 1993. لكن التعنت الصهيوني أفرغ كل المجهودات السلمية الدولية و استمر الصراع العربي الإسرائيلي الغير المتكافئ إلى الآن .
فما هي مظاهر المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي؟ ز ما هي مظاهر الصراع العربي الإسرائيلي ؟ و ما هي تطورات القضية الفلسطينية و امتداداتها الراهنة؟

I - تطور تنظيم المقاومة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي.


1 – بداية المقاومة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي:
استغل الصهاينة القرار الأممي 181 القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب و اليهود . و انسحاب الجيش البريطاني من فلسطين لإعلان قيام دولة إسرائيل يوم 15 ماي 1948. الأمر الذي رفضه الفلسطينيون و العرب عامة. فاندلعت الحرب بين الفلسطينيين و العصابات الصهيونية التي تتوفر على إمكانيات حربية هامة بالمقارنة مع المقاتلين العرب. لهذا تمكن الصهاينة من بسط نفوذهم على 77.4 % من الأراضي الفلسطينية . و تشريد آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا إلى الدول المجاورة هروبا من المذابح الإسرائيلية. فلم يبق سوى 160 ألف فلسطيني في الأراضي المحتلة. (الوثيقة 1 – 2 ص 198).
2 – مظاهر تنظيم المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي :
ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 برئاسة أحمد الشقيري و تهدف إلى تحرير الأراضي المحتلة اعتمادا على المقاومة المسلحة . و في سنة 1968 استقطبت المنظمة مختلف الفصائل الفدائية الفلسطينية و خصوصا منظمة فتح. و منذ سنة 1969 أصبح ياسر عرفات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية. و في سنة 1974 اعترفت بها الدول العربية المشاركة في مؤتمر القمة العربي بالرباط كممثل وحيد و شرعي للشعب الفلسطيني. و في نفس السنة أصبحت عضوا ملاحظا في الأمم المتحدة (الوثيقة 1 ص 198)
ارتبط اسم المقاومة الفلسطينية باسم ياسر عرفات ( محمد ياسر عبد الرؤوف القدوة الحسيني ) الذي ولد قي 4 غشت 1929. تخرج من جامعة الملك فؤاد الأول بالقاهرة مهندسا في شعبة الهندسة المدنية.انخرط في صفوف اتحاد طلبة فلسطين سنة 1944. و أصبح رئيسا لها. يعتبر من مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية. التي أصبح رئيسا لها سنة 1969. .تم اختياره رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية من طرف المجلس الوطني سنة 1993 حاز على جائزة نوبل للسلام سنة 1994 و توفي يوم 11 نونبر 2004. و اختارت منظمة التحرير العمل المسلح و الفدائي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي و تعتبر "معركة الكرامة" في 21 مارس 1968 من المعارك التي أثبتت فعالية العمل الفدائي فقد أودت بحياة 70 قتيل إسرائيلي و جرح أكثر من 100 آخرين و قدر عدد الشهداء ب 100 فلسطيني و 60 أردني. و إلى جانب العمل المسلح يقوم الفلسطينيون بالمقاومة السياسية من خلال مشاركتهم في مؤتمر القمة العربي بالرباط سنة 1974 و الذي تم خلاله الاعتراف العربي بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني. و مشاركة الرئيس ياسر عرفات شخصيا في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نونبر 1974 . و في 15 نونبر سنة 1988 تم الإعلان عن قيام دولة فلسطين بالمنفى في الجزائر. و شاركت منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمر الدولي للسلام بمدريد الخاص بالقضية الفلسطينية .

II – مراحل الصراع العربي الإسرائيلي.


1 – محطات الصراع العربي الإسرائيلي على المستوى العسكري:
(انقل الخط الزمني، الوثيقة 1 ص 199.) . بعد نكبة 1948 دخلت دول المواجهة في صراع مباشر مع إسرائيل. ففي يونيو 1956 أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس. فبدأت إسرائيل هجومها على مصر يوم 29 أكتوبر 1956 تبعتها كل من بريطانيا و فرنسا بعد رفض مصر للإنذار البريطاني الفرنسي يوم 30أكتوبر.لهذا شنت الدولتان لحرب على مصر في اليوم الموالي (31 أكتوبر ) مما أدي إلى تدمير جزء كبير من الطيران المصري .و مكن "العدوان الثلاثي" إسرائيل من احتلال غزة و ما بين 31 أكتوبر و 3 نوفمبر 1956 و احتلال شبه جزيرة سيناء خلال ثمانية أيام (29 أكتوبر – 5 نوفمبر 1956).نظرا للفراغ العسكري الذي تركه الجيش المصري في هذه المناطق بسبب تمركزه غربي قناة السويس لحماية القناة و مثلت بور سعيد – القاهرة – السويس. فتدخل الاتحاد السوفياتي ضد العدوان على مصر. و قررت الأمم المتحدة إيقاف الحرب و انسحاب الجيوش البريطانية و الفرنسية من مصر و تراجع الجيش الإسرائيلي إلى ما وراء خط الهدنة. (الوثيقة 2 ص 200).
و من جهة أخرى نهجت إسرائيل سياسة هجومية على دول المواجهة و ذلك لفرض واقع جديد على المنطقة و جر الدول العربية إلى التسوية وفق شروطها خصوصا بعد إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 و انطلاق عمليات فتح العسكرية. ومن أهم التحرشات الإسرائيلية في المنطقة تحويل مياه نهر الأردن و قصف كل المشروعات العربية الرامية على تغيير مجرى النهر. قصف المواقع السورية و تعزيز التواجد العسكري الإسرائيلي على الحدود مع سوريا في أوائل ماي 1967 . و في 5 يونيو 1967 قامت إسرائيل بقصف 9 مطارات مصرية فانطلقت بذلك حرب 67 العربية الإسرائيلية .(الوثيقة 3 ص 200). و توضح الخريطة (الوثيقة 4 ص 200) توسع الكيان الصهيوني في الأراضي العربية (فلسطين ، مصر و سوريا.) .و أمام التجاوزات الإسرائيلية أظهرت الدول العربية تضامنا قويا مع دول المواجهة بإرسال تسع دول قوت عسكرية محدودة للمشاركة في الحرب. و جمدت الدول العربية المصدرة للبترول صادراتها نحو الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية و هولندا و تخفيض إنتاج البترول بنسبة 25 % وذلك سنة 1973 مما أدي إلى خلق أزمة طاقية عالمية انعكست على المجال الاقتصادي و الحياة اليومية و خلفت مخاوف كبيرة من حدوث أزمات اقتصادية في الدول المقصودة بالحضر الطاقي. و لم يتخلف المغرب كباقي الدول العربية في المشاركة في هذه الحرب ، فقد أرسل تجريدة ساهمت في الدفاع عن القاهرة و إفشال الإنزال البحري الإسرائيلي الرامي إلى احتلال "الأدبية" و "الصخنة".
2 – المجهودات السياسية لحل الصراع العربي الإسرائيلي:
ساهمت حرب أكتوبر 1973 في تحطيم أسطورة "تفوق الجيش الإسرائيلي" فقد تمكن الجيش السوري من تحطيم الخط الدفاعي الإسرائيلي في الجولان (خط آلون) . و اقتحم الجيش المصري (خط بارليف) و عبر إلى سيناء. لكن التدخل القوي للجيش الأمريكي ساعد الصهاينة على استعادة السيطرة على هضبة الجولان و توقيف الزحف المصري في سيناء. لهذا قررت الحكومة الصهيونية اللجوء إلى أسلوب التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي .ففي هذا السياق انعقدت "اتفاقية كامب ديفيد" سنة 1978 بين مصر و إسرائيل تحت رعاية و.م.أ و ذلك بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين و توقيع السلام و انسحاب إسرائيل من سيناء (الوثيقة 1 ص 201) .
و ساهم المغرب بشكل فعال في السعي لحل الصراع العربي الإسرائيلي . و يتجلى ذلك في تنظيمه ل"مؤتمر فاس " الخاص بالقضية الفلسطينية في شتمبر 1982 . و الذي شهد حضورا عربيا واسعا على مستوى القمة (الوثيقة 3 ص 202) . و قد انبثقت عنه اللجنة السباعية التي يترأسها المغرب و التي كلفها المؤتمر بزيارة عواصم الدول الدائمة في مجلس الأمن لشرح قرارات مؤتمر فاس. (الوثيقة 2 ص 201).
3 – تطورات القضية الفلسطينية و امتداداتها الراهنة:
شهدت بداية التسعينات من القرن الماضي، أحداثا دولية أثرت على العلاقات الدولية. منها انهيار المعسكر الشرقي، و نهاية الحرب الباردة ، و اندلاع حرب الخليج. لهذا تقرر الإسراع بعقد مؤتمر دولي حول السلام في المشرق العربي. و لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي على الخصوص. فانعقد سنة 1991 مؤتمر مدريد، على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام". و أدي إلى ميلاد دولة فلسطين. طبقا لاتفاقية "غزة و أريحا أولا" . و قد أعقبت هذا المؤتمر، عدة اتفاقيات بهدف تحديد الحكم الذاتي الفلسطيني. منها اتفاق أوسلو الأول سنة 1993. الذي سهل مأمورية دخول الزعيم ياسر عرفات إلى غزة سنة 1994 . اتفاق أوسلو الثاني سنة 1995 . لكن هذه الاتفاقيات كانت سرعان ما تفرغ من محتواها بسبب السياسة العدوانية لإسرائيل. التي كانت دائما تماطل في تطبيق القرارات الصادرة عن هذه اللقاءات . وفي 28 شتمبر، قام الوزير الأول الإسرائيلي بزيارة استفزازية لباحة المسجد الأقصى. مما أدي إلى اندلاع انتفاضة الأقصى. التي استغلها الجيش الإسرائيلي لممارسة اعتداءاته الوحشية على الشعب الفلسطيني. مستغلا المواقف السلبية للعالم عموما و العالم العربي خصوصا.
الخاتمة: تعتبر القضية الفلسطينية من القضايا التي أرقت الرأي العام العالمي. فرغم المحاولات الدولية و العربية و التنازلات الفلسطينية . لا زالت إسرائيل تتعامل مع القوانين الدولية بنوع من الاستهتار الأمر الذي يزيد من تعقيد المشكل و معاناة الشعب الفلسطيني.
الوحدة 5.

الحركات الاستقلالية بالجزائر و تونس و ليبيا.



تمهيد و إشكال: تعرض الاستعمار الفرنسي في تونس و الجزائر، و الإيطالي في ليبيا، لمقامة شعبية نظمتها الأحزاب و الحركات الوطنية في البلدان الثلاث. كحزب الشعب و جبهة التحرير الوطني في الجزائر . و الحزب الدستوري التونسي و الحزب الحر الدستوري الجديد في تونس . و الجبهة الوطنية المتحدة (طرابلس) و المؤتمر الوطني البرقاوي في ليبيا . و قد ساهمت مواقف هذه الأحزاب الوطنية في إرغام الاستعمار على منح شعوبها الاستقلال . في دجنبر 1951 لليبيا .و في 20 مارس 1956 لتونس . و في 5 يوليوز 1962 للجزائر.
فما هي ظروف نشأة الحركات الاستقلالية في البلدان الثلاث؟ و ما هي برامج هذه الحركات و أساليبها؟ و ما هي التطورات المفضية إلى الاستقلال؟

I – ظروف نشأة الحركات الاستقلالية في كل من الجزائر و تونس و ليبيا .

1 – في الجزائر:
اعتبرت فرنسا الجزائر مستعمرة استيطانية يحضى فيها الفرنسيون بكل الامتيازات فحرمت الشعب الجزائري من حقوقه السياسية و المدنية و يتجلى ذلك في :
* المجال السياسي: - منع الجزائريين من الترشيح في المقاطعات و البلديات. – عرقلة صدور صحافة وطنية ناطقة باللغة العربية. – منع تكوين الأحزاب السياسية.
* المجال الاقتصادي: - استغلال الثروات الطبيعية للبلاد من طرف الاستعمار. – فرض الضرائب المجحفة على الجزائريين.
* المجال الاجتماعي: - استغلال الفلاحين في ضيعات المعمرين و العمال في المعامل الاستعمارية بأجور زهيدة. – منع حق الإضراب و حق التقاعد و التأمين على الشغيلة الجزائرية. (الوثيقة 1 ص 181).
2 – في ليبيا:
بعد القضاء على المقاوم الليبي عمر المختار سنة 1931 ، خلى الجو للقوات الإيطالية التي أحكمت سيطرتها على جل المناطق الليبية و باشرت عمليات الاستغلال بالاستيلاء على أجود الأراضي مستعملة مجموعة من الأساليب منها :
- استحواذ الدولة على كل الأراضي غير المستغلة. – مصادرة أملاك المقاومين الليبيين. – استيلاء الدولة على الأراضي التي تعتبرها ضرورية للمنفعة العامة . – الضغط على العديد من الملاك الليبيين لبيع أراضيهم للدولة بأسعار منخفضة.( الوثيقة 2 ص 181).
3 – في تونس:
تعرض الشعب التونسي لأنواع الحرمان و التشرد بسبب حدة الاستغلال الاستعماري و ثقل الضرائب خصوصا بعدما استحوذت سلطات الاستعمار الفرنسي على أهم الأنشطة الاقتصادية في البلاد و خصوصا القطاع الفلاحي . و ازدادت الأوضاع سوءا بعد اصطدام 11 نونبر 1911 بين القوات الفرنسية و الشباب التونسي المتأثر باحتلال ليبيا. و الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف التونسيين .فقررت السلطات الاستعمارية منع التجول . وصادرت الصحف الوطنية و قامت بمحاكمة المقاومين. (الوثيقة 3 ص 181).
كل هذه الأحداث أدت إلى انتشار الوعي الوطني في البلدان الثلاثة على يد زعماء و مناضلين (الوثيقة 5 ص 182) أمثال عبد العزيز الثعالبي أحد رواد الحركة الوطنية التونسية و مؤلف كتاب "تونس الشهيدة" سنة 1920 الذي شكل المرجعية الأساسية لمبادئ الحزب الدستوري . و مصالي الحاج الذي يعتبر من أبرز زعماء الحركة الوطنية الجزائرية فهو مؤسس "جمعية شمال إفريقيا" سنة 1926 و "حزب الشعب" سنة 1937 و "حركة انتصار الحريات الديمقراطية" سنة 1946 . و محمد إدريس السنوسي الذي تزعم المقاومة الليبية و أصبح ملكا على البلاد بعد حصولها على الاستقلال سنة 1951.

II – برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث و الوسائل التي وظفتها لتحقيق أهدافها.


1 – برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث:
تطورت برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال :(الوثيقة 1 ص 182)
أ - برامج الحركة الوطنية الجزائرية: تأسست جمعية نجم شمال إفريقيا في باريس سنة 1926 و كان برنامجها الوطني يقتصر على بعض الإصلاحات أهمها المساواة بين الجزائريين و الفرنسيين . لكنها منعت من طرف السلطات الاستعمارية سنة 1936 عندما بدأت تطالب بالاستقلال. و في سنة 1931 تأسست "جمعية علماء المسلمين بزعامة الشيخ عبد الحميد بن باديس و التي لم يكن لها برنامج سياسي لكنها ساهمت في توعية الشعب الجزائري بخطورة الاستعمار و حثته على التمسك بهويته الإسلامية - العربية. الوثيقة 3 ص 183).أما حزب الشعب فقد تأسس سنة 1937 و تم تعويضه ب حركة انتصار الحريات الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية و كانت تضم تيارا يدعو إلى العمل المسلح. و في سنة 1954 ظهرت جبهة التحرير الوطني التي اختارت بشكل علني العمل المسلح للحصول على استقلال الجزائر.
ب – برنامج الحركة الوطنية التونسية: أسس عبد العزيز الثعالبي الحزب الليبرالي الدستوري الذي كان يطالب ب إقرار الدستور و منح التونسيين بعض الحقوق و لو في ظل الاحتلال الفرنسي (الوثيقة 2 ص 183). .و تزكي هذا الاتجاه بتأسيس أول نقابة عمالية تونسية سنة 1922 "الجامعة العامة للعمال التونسيين" التي ساهمت في توعية العمال و المطالبة بتحسين ظروفهم. لكن بعض الشباب و على رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة اتهموا حزب الثعالبي ب "البرودة و قلة الحركة" فأسسوا الحزب الدستوري الجديد سنة 1934 الذي اختار البادية كقاعدة لانطلاقه و طالب في البداية بتحسين ظروف عيش التونسيين في ظل الحماية الفرنسية لكنه غير برنامجه بعد الحرب العالمية الثانية فأصبح يطالب بالاستقلال و لو على مراحل بدءا بمنح البلاد حكما ذاتيا .
ج – برنامج الحركة الوطنية الليبية: تعتبر الحركة السنوسية من أقدم الحركات الوطنية في ليبيا فقد ظهرت منذ القرن 19 من طرف الزاوية السنوسية لمقاومة الاحتلال العثماني ثم الاستعمار الإيطالي إلى غاية الحرب العالمية الأولى . و بعد الحرب العالمية الثانية تأسس الحزب الوطني سنة 1945 و طالب باستقلال ليبيا و وحدتها. و في سنة 1947 تأسس المجلس الوطني لتحرير ليبيا في القاهرة و الذي ركز على المطالبة بالاستقلال و تصفية التواجد الأجنبي فوق التراب الليبي.
2 – أهم الوسائل التي استعملتها الحركات الاستقلالية في الدول الثلاث:
(الوثيقة 1 ص 183). اعتمدت الأحزاب الجزائرية في البداية على توعية المواطن الجزائري، عبر اللقاءات و الصحافة الوطنية، كجريدة "الشهاب" الصادرة عن جمعية علماء المسلمين. و كانت تنادي، من حين لآخر، بمقاطعة البضائع الفرنسية، و خوض الإضرابات. و في سنة 1954 انخرطت كل القوى الوطنية في العمل المسلح، كوسيلة لتحقيق الاستقلال،و الذي دشنته "المنظمة الخاصة" بقيادة كل من أحمد بنبلة و الحسين آيت أحمد و بلقاسم كريم و بو ضياف.
أما في تونس، فقد استغلت الأحزاب الوطنية، قبل الحرب العالمية الثانية، العمل الصحافي لنشر أفكارها و توعية الشعب التونسي. كجريدة "صوت تونس" و" العمل التونسي". كما نظمت عدة مظاهرات و احتجاجات (الوثيقة 3 ص 184). أما بعد الحرب، و خاصة خلال الخمسينات، فقد تبنت الكفاح المسلح.عبر تكوين جيش التحرير التونسي، موازاة مع استمرار العمل الصحافي لإبراز عدالة قضيتها.
و في ليبيا فقد تأخر ظهور الأحزاب السياسية إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية لهذا ركزت الحركة الوطنية الليبية على العمل المسلح كوسيلة لفرض مطالبها و تحقيق استقلال البلاد كما هو الشأن بالنسبة للثورة التي قادها الزعيم عمر المختار ما بين سنتي 1922 و 1931(الوثيقة 5 ص 184).

III – التطورات التي أفضت إلى الاستقلال في الدول الثلاث.

1 – ظروف حصول ليبيا عل الاستقلال:
بعد انهزام معسكر المحور و فرض انسحاب إيطاليا من ليبيا، قدم الحلفاء سنة 1949 إلى الأمم المتحدة، مشروع تقسيم ليبيا إلى ثلاثة مناطق نفوذ : منطقة برقة تحت النفوذ الإنجليزي ، منطقة فزان تحت النفوذ الفرنسي و محافظة إيطاليا على منطقة طرابلس (الوثيقة 1 ص 184) . لكن هيئة الأمم المتحدة رفضت المشروع الذي واجهه الشعب الليبي كذلك بموجة من السخط و الاستنكار (الوثيقة 2 ص 184). فقد قررت الهيئة الأممية عدم تقسيم ليبيا. و الإسراع بتحقيق استقلالها الذي لا يجب أن يتأخر عن فاتح يناير 1952. و أن تتشكل الحكومة المحلية. ويقرر الدستور من قبل سكان الأقاليم الليبية (الوثيقة 3 ص 185). و هكذا تم إصدار الدستور الليبي يوم 7 أكتوبر 1951 و تمت مبايعة محمد إدريس المهدي السنوسي ملكا دستوريا على المملكة الليبية المتحدة.
2 – الأحداث التي أدى تطورها إلى استقلال تونس:
يعتبر اغتيال الزعيم النقابي "فرحات حشاد" سنة 1952 بمثابة شحنة ألهبت حماس الوطنيين في تونس و في باقي أقطار المغرب العربي . فقد ارتفعت وتيرة المواجهات المسلحة بين التونسيين و قوات الاحتلال .فاضطرت الحكومة الفرنسية إلى الدخول في مفاوضات سرية مع الزعماء الوطنيين و على رأسهم الحبيب بورقيبة فتقرر منح تونس الاستقلال الذاتي سنة 1954 (الوثيقة 1 / أ - ب ص 185) . و هو نظام يقضي بمنح تونس حق التسيير في بعض المجالات مع احتفاظ فرنسا بتسيير شؤون الأمن و الدفاع و الخارجية. لكن رفض الشعب لهذا النوع من الاستقلال و إصراره على متابعة المقاومة فرض على فرنسا إلغاء "معاهدة باردو" و الاعتراف باستقلال تونس و ذلك يوم 20 غشت 1956.(الوثيقة 3 ص 186).
3 – التطورات التي انتهت باستقلال الجزائر:
رغم الانقسام الذي حدث في صفوف الحركة الوطنية الجزائرية و وضع الزعيم مصالي الحاج تحت الإقامة الإجبارية . استمرت المقاومة الوطنية و التي التجأت للعمل المسلح بتأسيس جبهة التحرير الوطني التي أعلنت عن رغبتها في تأسيس الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية و المتمتعة بسيادتها في إطار المبادئ الإسلامية و تطالب فرنسا ب الاعتراف بالقومية الجزائرية و إلغاء كل القرارات التي تجعل الجزائر فرنسية ضدا على التاريخ و الجغرافيا و اللغة و الدين (الوثيقة1 ص 186) . و أمام الرفض الفرنسي ارتفعت ضراوة المواجهة العسكرية بين المقاومين الجزائريين و القوات الفرنسية. ما بين 1 نونبر 1954 و 19 مارس 1962 . و التي خلفت حسب المصادر الجزائرية مليون شهيد و حسب المصادر الفرنسية فقد فقدت قوات حفظ النظام 24614 قتيلا و 64985 جريحا (الوثيقة 2 ص 186). و حسب تصور فرنسا لمستقبل الجزائر فإنها ترى استحالة انفصال الجزائر عن فرنسا و تطرح أمام الجزائريين اختيارين هما : الارتباط التام بفرنسا ليصبح الشعب الجزائري جزء من الشعب الفرنسي .أو الاستقلال الذاتي حيث سيصبح النظام الجزائري فيدراليا ( الوثيقة 3 ص 186). لكن إصرار الجزائريين على الاستقلال التام أدى إلى تنظيم استفتاء شعبي عن حق تقرير المصير للشعب الجزائري الذي عبر عن رأيه في 8 يناير سنة 1962 و اختار الاستقلال عن فرنسا . فتم توقيع معاهد "أيفيان" ( Evian) 20 مارس 1962 التي تمنح الجزائر استقلالها.

الخاتمة: رغم تباين البرامج و الأساليب بين الدول الثلاث، في مواجهة الاستعمار و البحت عن الاستقلال. فإنها توحدت في رسم الهدف المتوخي. و الذي لا يقبل بديلا عن الحرية و الانعتاق من السيطرة و الاستغلال الاستعماري.
الوحدة 4.

المغرب: الكفاح من أجل الاستقلال و استكمال الوحدة الترابية .

تمهيد و إشكال: حاول الاستعمار منذ احتلاله للمغرب العمل على هدم مقوماته الأساسية. و ذلك بإصدار الظهير البربري للتفريق بين المغاربة الأمازيغ و العرب . و تهميش اللغة العربية لصالح لغة المستعمر . و محاربة الحكومة الشرعية للبلاد . كل ذلك ساهم في إثارة الروح الوطنية لدى الشعب المغربي. الذي انخرط تلقائيا في الحركة الوطنية. التي قدمت برنامجا إصلاحيا سنة 1934 للسلطات الاستعمارية. فانطلقت بذلك مرحلة جديدة من المقاومة التي اتخذت شكلا سياسيا.تطور إلى العمل الفدائي بعد نفي السلطان محمد بن يوسف .و استمر النضال المغربي حتى 2 ماري 1956 تاريخ إلغاء الحماية. فانطلقت بعد ذلك مرحلة استكمال الوحدة الترابية تحت قيادة العاهلين محمد الخامس و الحسن الثاني و التي انتهت باسترجاع الأقاليم الصحراوية.
فما هي مميزات مطالب الحركة الوطنية في الثلاثينات؟ و ما هي التحولات التي عرفتها الحركة الوطنية منذ يناير 1944؟ و ما هي مجهودات المغرب لاستكمال وحدته الترابية؟

I – نشأة الحركة الوطنية و أهم مطالبها الإصلاحية.

1 – ظروف نشأة الحركة الوطنية و وسائل عملها:
أ – ظروف نشأة الحركة الوطنية: دخلت الإقامة العامة في مواجهة عنيفة مع الشعب المغربي، على إثر صدور "الظهير البربري" يوم 16 ماي 1930.و الذي تهدف سلطات الحماية، من وراءه، تفرقة الشعب المغربي .عن طريق تصنيفه إلى عرب وأما زيغ. بإقامة محاكم عرفية في المناطق الأمازيغية. بدل المحاكم الإسلامية الشرعية. و التي ستتولى النظر و البث في القضايا المدنية و التجارية، و قضايا الأحوال الشخصية و الإرث. انطلاقا من العوائد المحلية.أما القضايا الجنائية فتبث فيها المحاكم الفرنسية (الوثيقة 1 ص 169). كما حاولت سلطات الحماية فرنسة و تمسيح أبناء القبائل الأمازيغية. عن طريق بناء المدارس "البربرية – الفرنسية" و الكنائس في مناطقهم. لكن الشعب المغربي رفض هذه السياسة. فانطلقت بذلك الحركة الوطنية. التي وجدت في الظهير البربري فرصة سانحة للتعبير عن رفضها العلني لنظام الحماية. و هكذا انتشرت حركات الاحتجاج الواسعة في جل المدن المغربية، انطلاقا من فاس . و اجتمع المغاربة في المساجد لقراءة "اللطيف". و واجهت السلطات الاستعمارية هذه الحركات بعنف شديد . فانبثقت "كتلة العمل الوطني" بتنسيق بين الوطنيين في الداخل كعلال الفاسي و الوطنيين بالخارج كأحمد بلافريج و محمد بلحسن الوزاني سنة 1934 . و قد تم اقتباس اسم الكتلة الوطنية من الشرق العربي.(الوثيقة 3 ص 170 )
و شكلت الكتلة بداية العمل السياسي و انطلاق العمل الحزبي في المناطق المغربية ( المنطقة السلطانية و الخليفية) .ففي المنطقة السلطانية تفرعت كتلة العمل الوطني إلى حزبين سنة 1937 : "الحركة الوطنية لتحقيق الإصلاحات" بزعامة "علال الفاسي". و "الحركة القومية المغربية" بزعامة "محمد بلحسن الوزاني" أما في المنطقة الخليفية فبالإضافة إلى "حزب الإصلاح الوطني" الذي تأسس سنة 1933 بزعامة "عبد الخالق الطر يس" ظهر "حزب الوحدة المغربية" سنة 1937 بزعامة "محمد المكي الناصري".(الوثيقة 4 ص 170)
ب – و سائل عمل الحركة الوطنية: كانت الحركة الوطنية المغربية تعتمد على مجموعة من وسائل العمل المتمثلة في : (الوثيقة 5 ص 170)
- إصدار الجرائد و المجلات: كمجلة "مغرب " ( Maghreb) سنة 1932 الناطقة بالفرنسية و التي كانت تصدر بباريس. و جريدة "عمل الشعب" (L'Action du peuple)
سنة 1933 الناطقة بالفرنسية و التي كانت تصدر بفاس . جريدة "الوحدة المغربية" ( Unidad Marroqui) سنة 1937 الناطقة بالإسبانية و تصدر بتطوان.
- المدارس الحرة التي ساهمت في الحفاظ على الشخصية المغربية و اللغة العربية كالمدرسة الأهلية بتطوان (1924) ، مدرسة المعهد الإسلامي بسلا (1933)، مدرسة النجاح بالدار البيضاء (1933) ، مدرسة جسوس بالرباط (1934) و المدرسة الإسلامية الحرة بطنجة (1934) .
- الفرق الموسيقية التي كانت تضم الشباب المغربي و تعتبر مدارس للتوعية الوطنية كفرقة فتيان حزب الإصلاح و جوق الهلال بتطوان، فرقة المنار بالدار البيضاء، الجوق المغربي بالرباط و الجوق السلاوي بسلا. و لقطع الطريق أمام ادعاءات سلطات الحماية التي تتهم الوطنيين بالخارجين عن سلطة السلطان المغربي . قرر الوطنيون بسن الاحتفال بعيد العرش سنة 1933 في 18 نونبر من كل سنة . و ذلك لتعزيز مركز السلطان و الحصول على تأييده للحركة الوطنية . (الوثيقة 6 ص 171).
2 - المطالب الإصلاحية للحركة الوطنية:
انطلقت المطالب الوطنية منذ سنة 1926. لتنتهي سنة 1936 بالمطالب المستعجلة ( انقل الخط الزمني ص 171). ففي سنة 1926 تم تقديم لائحة مطالب وطنية . و في نونبر 1930 قدم وفد فاس للسلطان مطالب الأمة المغربية و ذلك بعد صدور الظهير البربري و في سنة 1931 تم تقديم مطالب الأمة المغربية في المنطقة الخليفية للسلطات الإسبانية و التي تم تجديدها سنة 1933 . و كانت هذه المطالب تتلخص في :
* منح الشعب المغربي حق انتخاب المجالس البلدية و مجلس شورى عام لينظر في مصالح المنطقة و يقرر الميزانية العامة.
* إقرار حرية الصحافة الوطنية لإنارة الرأي العام و ترشيده .
* حرية إقامة جمعيات تدرب المواطنين على الحياة العامة.
* فتح مدارس مغربية للتعليم الابتدائي في المدن و القرى ومدارس ثانوية في المراكز الحضرية الكبرى .
فتح مدارس مهنية و إرسال بعثات طلابية إلى الخارج .
الاهتمام بالفلاح و العمل على تحسين ظروف عيشه.
و في سنة 1934 قدم زعماء الحركة الوطنية "برنامج الإصلاحات المغربية " للسلطات الفرنسية و التي تنص على:
* الإصلاحات الإدارية: - إلغاء نظام الإدارة المباشرة الفرنسية. - احترام حدود المغرب. - تأسيس مجلس وطني. – إلغاء وسائل التعذيب.
* الإصلاحات الاقتصادية و المالية: - المساواة في الضرائب بين المغاربة و الأجانب. – حماية الصناعة التقليدية المغربية من المنافسة الأجنبية. –إلغاء الرسوم بين المناطق المغربية. – تكوين تعاونيات فلاحية.
* الإصلاحات الاجتماعية: - إجبارية التعليم الابتدائي. – الترخيص بإنشاء المدارس الحرة . – محاربة الأمية. - محاربة البطالة. – بناء المستشفيات و المستوصفات. – تحديد ساعات العمل في 8.
لكن الإدارة الاستعمارية رفضت هذه المطالب .لهذا استغل زعماء الحركة الوطنية وصول "الحركة الشعبية" ذات الاتجاه اليساري للسلطة في فرنسا لتقديم " المطالب المستعجلة" التي تلخص أهم المطالب الإصلاحية في مجال الحريات و الديمقراطية، التعليم، القضاء، الفلاحة و الصناعة، الضرائب و الصحة العمومية (راجع الوثيقة 4 ص. 172) . نستنتج إذن أهمية الوعي السياسي الذي كان يتحلى به زعماء الحركة الوطنية. الذين استطاعوا التنسيق فيما بينهم (زعماء المنطقة السلطانية و زعماء المنطقة الخليفية) لتقديم مطالب إصلاحية في البداية دون المس بنظام الحماية.

II – مجهودات الحركة الوطنية من أجل الاستقلال.

1 – انتقال الحركة الوطنية إلى المطالبة بالاستقلال:
ازدادت حدة الاستغلال الاستعماري للاقتصاد المغربي خلال الحرب العالمية الثانية .لهذا شهد مسار الحركة الوطنية تحولا مهما حيث انتقل من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، خصوصا بعدما تم تدعيمه من طرف الحركات النقابية الصاعدة. ففي سنة 1944 تعززت الساحة السياسية المغربية بميلاد "حزب الاستقلال ". بزعامة علال الفاسي ، و الذي كان له السبق في تقديم "عريضة المطالبة بالاستقلال" يوم 11 يناير 1944. (الوثيقة 1 ص 172). و تبنى السلطان محمد بن يوسف مضمون هذه العريضة و دافع عنها أمام سلطات الحماية (الوثيقة 2 ص. 173). و في سنة 1946 تأسس "حزب الشورى و الاستقلال" بزعامة محمد بلحسن الوزاني و الذي طالب بدوره باستقلال المغرب . و قد اعتمدت الحركة الوطنية في نضالها الجديد على الصحافة التي ظهرت في المنطقين المغربيتين:
* صحافة المنطقة السلطانية:
- جريد "العلم" الصادرة سنة 1946 و جريدة "L'Istiqlal" الصادرة سنة 1951 عن حزب الاستقلال.
- جريدة "Espoir" سنة 1945 عن الحزب الشيوعي المغربي.
- جريدة "الرأي العام" سنة 1947 عن حزب الشورى و الاستقلال.
* صحافة المنطقة الخليفية:
- جريدة" الأمة" سنة 1952 عن حزب الإصلاح الوطني.
- جريدة "منبر الشعب" سنة 1949 عن حزب الوحدة المغربية.
و قد واجهت سلطات الحماية هذه الحركة التحررية بعنف شديد. و ذلك بتضييق الخناق على زعماء الحركة ، الذين التجئوا إلى منطقة طنجة حيث تم التقارب و التنسيق بينهم. فأسفر ذلك عن خلق "جبهة وطنية" في ابريل 1951 و التي أكدت على متابعة النضال حتى الاستقلال (الوثيقة 4 ص 173). و ساهمت مواقف السلطان محمد بن يوسف في تقوية الاتجاه الاستقلالي للحركة الوطنية في الخطاب الذي ألقاه خلال زيارته لمدينة طنجة في ابريل سنة 1947. وفي خطاب العرش لسنة 1952 (الوثيقة 5 ص 173) .
2 – دور "ثورة الملك و الشعب" في تحقيق استقلال المغرب :
أثارت مواقف السلطان محمد بن يوسف المساندة و المدافعة عن الحركة الوطنية و المطالبة بالاستقلال أزمة حادة بينه و بين سلطات الحماية. فقد عبر في عدة مناسبات عن موقفه من الاستعمار نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: تعبيره عن رغبة المغرب في الاستقلال خلال لقاء أنفا الذي جمعه مع الرئيس الأمريكي روزفلت و الوزير الأول البريطاني تشرشل سنة 1943 و خلال رحلاته المتكررة إلى فرنسا سنوات 1945، 1950،و 1952.لهذا قررت فرنسا خلع السلطان و نفيه مع عائلته يوم 20 غشت 1953 إلى كورسيكا ثم على مدغشقر. و قامت بتعيين ابن عرفة ملكا على البلاد. فاندلعت تلقائيا المقاومة الفدائية في مجموع التراب المغربي على يد فدائيين أمثال : الحنصالي و علال بن عبد الله و الزرقطوني . فانتشرت العمليات الفدائية ضد الممتلكات الخاصة بالمعمرين كما سقط ضحيتها عدد مهم من الأجانب (الوثيقة 1 ص 174). و عمت المظاهرات كافة المدن و القرى مطالبة بالاستقلال و رجوع محمد بن يوسف إلى العرش.
و أمام تصاعد العمليات الفدائية ، قررت حكومة "إدكار فور"(Edgar Faure) الدخول في مفاوضات لتسوية المسالة المغربية يوم 20 غشت 1955 في مدينة "أيكس ليبان"
(Aix – les – Bains) بين الحكومة الفرنسية و ممثلي الأحزاب الوطنية فتم الاتفاق على خلع عبن عرفة و رجوع السلطان الشرعي من المنفى (الوثيقة 5 ص 175). و هكذا غادر السلطان و عائلته مدغشقر في 30أكتوبر 1955 متوجها إلى مدينة نيس و بعد أسبوع من إقامته بفرنسا صادق المجلس الوزاري الفرنسي على عودة الملك إلى عرشه و تأسيس حكومة مغربية0. و في 2 مارس 1956 صدر النص الرسمي الذي تعترف فيه فرنسا باستقلال المغرب .

III – مراحل استكمال المغرب لوحدته الترابية.

1 – المناطق المسترجعة ما بين أبريل 1956 و يونيو 1969:
بعد رجوع محمد الخامس إلى المغرب استأنف عمليات تحرير باقي المناطق المغربية . ففي أبريل 1956 التقى الملك بالرئيس الإسباني فرانكو بمدريد، و تم التوقيع على تصريح مشترك يلغي نظام الحماية الإسبانية شمال المغرب . و أشرف محمد الخامس بنفسه على تحطيم الحدود بين المنطقين السلطانية و الخليفية في 9 أبريل 1956. (الوثائق 1 أ- ب – ج. ص 176) . و في 29 أكتوبر سنة 1956 تم استرجاع منطقة طنجة طبقا لتصريح مؤتمر طنجة الوثيقة 2 ص 176) . وفي سنة 1958 تم ضم منطقة طرفاية إلى حظيرة الوطن (الوثيقة 3 ص 176) . و بعد محاولة شاقة،نظرا لتلكأ الحكومة الإسبانية، تمكن المغرب من استرجاع منطقة سيدي إفني و ذلك يوم 30 يونيو 1969(الوثيقة 4 ص 176).
2 – جهود المغرب لاسترجاع منطقتي الساقية الحمراء و وادي الذهب:
اعتمد المغرب على سياسة الحوار و السلم في محاولاته لاسترجاع الأقاليم الصحراوية .لكن تعنت إسبانيا في استمرار استعمارها لهذه المناطق .دفعت المغرب إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي . و في 16 أكتوبر 1975 أكدت المحكمة الدولية مغربة الساقية الحمراء و وادي الذهب .و ذلك نظرا لتواجد روابط البيعة بين القبائل الصحراوية و سلاطين المغرب عبر التاريخ (الوثيقة 1 ص 177). فقرر الحسن الثاني تنظيم "المسيرة الخضراء" التي انطلقت يوم 6 نونبر 1975 و كانت تضم 350000 مغربي (10 % منهم نساء) . و التي ساهمت في تحرير الساقية الحمراء سلميا (الوثيقة 2 أ – ب – ج . ص 177) . و في 14 غشت 1979 جدد سكان وادي الذهب بيعتهم للملك الحسن الثاني و بذلك انظم هذا الإقليم إلى حظيرة الوطن.(الوثيقة 3 أ –ب. ص 177).
الخاتمة: بعد انتهاء المقاومة المسلحة المغربية سنة 1934. ظهرت المقاومة السياسية التي نظمها زعماء الحركة الوطنية. و قد حضيت بدعم السلطان محمد بن يوسف الذي تعرض لمضايقات من طرف سلطات الحماية انتهت بنفيه سنة 1953 . فكان ذلك بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل المقاومة الفدائية التي أدت إلى استقلال المغرب . و نهج المغرب سياسة الحوار لاسترجاع باقي مناطقه و استكمال وحدته الترابية.

dimanche 25 avril 2010

تلاميذتي الأعزاء
يمكنكم تحميل الدروس الأخيرة من المقرر، و التي سنقوم بشرحها في القسم بعد ان تقوموا بقرائتها و تجهيز الأسئلة التي يمكنكم طرحها أثناء الشرح.كما يمكنكم طرح أسئلتكم مباشرة في هذا الموقع