samedi 24 avril 2010

الوحدة 5.

الحركات الاستقلالية بالجزائر و تونس و ليبيا.



تمهيد و إشكال: تعرض الاستعمار الفرنسي في تونس و الجزائر، و الإيطالي في ليبيا، لمقامة شعبية نظمتها الأحزاب و الحركات الوطنية في البلدان الثلاث. كحزب الشعب و جبهة التحرير الوطني في الجزائر . و الحزب الدستوري التونسي و الحزب الحر الدستوري الجديد في تونس . و الجبهة الوطنية المتحدة (طرابلس) و المؤتمر الوطني البرقاوي في ليبيا . و قد ساهمت مواقف هذه الأحزاب الوطنية في إرغام الاستعمار على منح شعوبها الاستقلال . في دجنبر 1951 لليبيا .و في 20 مارس 1956 لتونس . و في 5 يوليوز 1962 للجزائر.
فما هي ظروف نشأة الحركات الاستقلالية في البلدان الثلاث؟ و ما هي برامج هذه الحركات و أساليبها؟ و ما هي التطورات المفضية إلى الاستقلال؟

I – ظروف نشأة الحركات الاستقلالية في كل من الجزائر و تونس و ليبيا .

1 – في الجزائر:
اعتبرت فرنسا الجزائر مستعمرة استيطانية يحضى فيها الفرنسيون بكل الامتيازات فحرمت الشعب الجزائري من حقوقه السياسية و المدنية و يتجلى ذلك في :
* المجال السياسي: - منع الجزائريين من الترشيح في المقاطعات و البلديات. – عرقلة صدور صحافة وطنية ناطقة باللغة العربية. – منع تكوين الأحزاب السياسية.
* المجال الاقتصادي: - استغلال الثروات الطبيعية للبلاد من طرف الاستعمار. – فرض الضرائب المجحفة على الجزائريين.
* المجال الاجتماعي: - استغلال الفلاحين في ضيعات المعمرين و العمال في المعامل الاستعمارية بأجور زهيدة. – منع حق الإضراب و حق التقاعد و التأمين على الشغيلة الجزائرية. (الوثيقة 1 ص 181).
2 – في ليبيا:
بعد القضاء على المقاوم الليبي عمر المختار سنة 1931 ، خلى الجو للقوات الإيطالية التي أحكمت سيطرتها على جل المناطق الليبية و باشرت عمليات الاستغلال بالاستيلاء على أجود الأراضي مستعملة مجموعة من الأساليب منها :
- استحواذ الدولة على كل الأراضي غير المستغلة. – مصادرة أملاك المقاومين الليبيين. – استيلاء الدولة على الأراضي التي تعتبرها ضرورية للمنفعة العامة . – الضغط على العديد من الملاك الليبيين لبيع أراضيهم للدولة بأسعار منخفضة.( الوثيقة 2 ص 181).
3 – في تونس:
تعرض الشعب التونسي لأنواع الحرمان و التشرد بسبب حدة الاستغلال الاستعماري و ثقل الضرائب خصوصا بعدما استحوذت سلطات الاستعمار الفرنسي على أهم الأنشطة الاقتصادية في البلاد و خصوصا القطاع الفلاحي . و ازدادت الأوضاع سوءا بعد اصطدام 11 نونبر 1911 بين القوات الفرنسية و الشباب التونسي المتأثر باحتلال ليبيا. و الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف التونسيين .فقررت السلطات الاستعمارية منع التجول . وصادرت الصحف الوطنية و قامت بمحاكمة المقاومين. (الوثيقة 3 ص 181).
كل هذه الأحداث أدت إلى انتشار الوعي الوطني في البلدان الثلاثة على يد زعماء و مناضلين (الوثيقة 5 ص 182) أمثال عبد العزيز الثعالبي أحد رواد الحركة الوطنية التونسية و مؤلف كتاب "تونس الشهيدة" سنة 1920 الذي شكل المرجعية الأساسية لمبادئ الحزب الدستوري . و مصالي الحاج الذي يعتبر من أبرز زعماء الحركة الوطنية الجزائرية فهو مؤسس "جمعية شمال إفريقيا" سنة 1926 و "حزب الشعب" سنة 1937 و "حركة انتصار الحريات الديمقراطية" سنة 1946 . و محمد إدريس السنوسي الذي تزعم المقاومة الليبية و أصبح ملكا على البلاد بعد حصولها على الاستقلال سنة 1951.

II – برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث و الوسائل التي وظفتها لتحقيق أهدافها.


1 – برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث:
تطورت برامج الحركات الوطنية في البلدان الثلاث من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال :(الوثيقة 1 ص 182)
أ - برامج الحركة الوطنية الجزائرية: تأسست جمعية نجم شمال إفريقيا في باريس سنة 1926 و كان برنامجها الوطني يقتصر على بعض الإصلاحات أهمها المساواة بين الجزائريين و الفرنسيين . لكنها منعت من طرف السلطات الاستعمارية سنة 1936 عندما بدأت تطالب بالاستقلال. و في سنة 1931 تأسست "جمعية علماء المسلمين بزعامة الشيخ عبد الحميد بن باديس و التي لم يكن لها برنامج سياسي لكنها ساهمت في توعية الشعب الجزائري بخطورة الاستعمار و حثته على التمسك بهويته الإسلامية - العربية. الوثيقة 3 ص 183).أما حزب الشعب فقد تأسس سنة 1937 و تم تعويضه ب حركة انتصار الحريات الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية و كانت تضم تيارا يدعو إلى العمل المسلح. و في سنة 1954 ظهرت جبهة التحرير الوطني التي اختارت بشكل علني العمل المسلح للحصول على استقلال الجزائر.
ب – برنامج الحركة الوطنية التونسية: أسس عبد العزيز الثعالبي الحزب الليبرالي الدستوري الذي كان يطالب ب إقرار الدستور و منح التونسيين بعض الحقوق و لو في ظل الاحتلال الفرنسي (الوثيقة 2 ص 183). .و تزكي هذا الاتجاه بتأسيس أول نقابة عمالية تونسية سنة 1922 "الجامعة العامة للعمال التونسيين" التي ساهمت في توعية العمال و المطالبة بتحسين ظروفهم. لكن بعض الشباب و على رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة اتهموا حزب الثعالبي ب "البرودة و قلة الحركة" فأسسوا الحزب الدستوري الجديد سنة 1934 الذي اختار البادية كقاعدة لانطلاقه و طالب في البداية بتحسين ظروف عيش التونسيين في ظل الحماية الفرنسية لكنه غير برنامجه بعد الحرب العالمية الثانية فأصبح يطالب بالاستقلال و لو على مراحل بدءا بمنح البلاد حكما ذاتيا .
ج – برنامج الحركة الوطنية الليبية: تعتبر الحركة السنوسية من أقدم الحركات الوطنية في ليبيا فقد ظهرت منذ القرن 19 من طرف الزاوية السنوسية لمقاومة الاحتلال العثماني ثم الاستعمار الإيطالي إلى غاية الحرب العالمية الأولى . و بعد الحرب العالمية الثانية تأسس الحزب الوطني سنة 1945 و طالب باستقلال ليبيا و وحدتها. و في سنة 1947 تأسس المجلس الوطني لتحرير ليبيا في القاهرة و الذي ركز على المطالبة بالاستقلال و تصفية التواجد الأجنبي فوق التراب الليبي.
2 – أهم الوسائل التي استعملتها الحركات الاستقلالية في الدول الثلاث:
(الوثيقة 1 ص 183). اعتمدت الأحزاب الجزائرية في البداية على توعية المواطن الجزائري، عبر اللقاءات و الصحافة الوطنية، كجريدة "الشهاب" الصادرة عن جمعية علماء المسلمين. و كانت تنادي، من حين لآخر، بمقاطعة البضائع الفرنسية، و خوض الإضرابات. و في سنة 1954 انخرطت كل القوى الوطنية في العمل المسلح، كوسيلة لتحقيق الاستقلال،و الذي دشنته "المنظمة الخاصة" بقيادة كل من أحمد بنبلة و الحسين آيت أحمد و بلقاسم كريم و بو ضياف.
أما في تونس، فقد استغلت الأحزاب الوطنية، قبل الحرب العالمية الثانية، العمل الصحافي لنشر أفكارها و توعية الشعب التونسي. كجريدة "صوت تونس" و" العمل التونسي". كما نظمت عدة مظاهرات و احتجاجات (الوثيقة 3 ص 184). أما بعد الحرب، و خاصة خلال الخمسينات، فقد تبنت الكفاح المسلح.عبر تكوين جيش التحرير التونسي، موازاة مع استمرار العمل الصحافي لإبراز عدالة قضيتها.
و في ليبيا فقد تأخر ظهور الأحزاب السياسية إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية لهذا ركزت الحركة الوطنية الليبية على العمل المسلح كوسيلة لفرض مطالبها و تحقيق استقلال البلاد كما هو الشأن بالنسبة للثورة التي قادها الزعيم عمر المختار ما بين سنتي 1922 و 1931(الوثيقة 5 ص 184).

III – التطورات التي أفضت إلى الاستقلال في الدول الثلاث.

1 – ظروف حصول ليبيا عل الاستقلال:
بعد انهزام معسكر المحور و فرض انسحاب إيطاليا من ليبيا، قدم الحلفاء سنة 1949 إلى الأمم المتحدة، مشروع تقسيم ليبيا إلى ثلاثة مناطق نفوذ : منطقة برقة تحت النفوذ الإنجليزي ، منطقة فزان تحت النفوذ الفرنسي و محافظة إيطاليا على منطقة طرابلس (الوثيقة 1 ص 184) . لكن هيئة الأمم المتحدة رفضت المشروع الذي واجهه الشعب الليبي كذلك بموجة من السخط و الاستنكار (الوثيقة 2 ص 184). فقد قررت الهيئة الأممية عدم تقسيم ليبيا. و الإسراع بتحقيق استقلالها الذي لا يجب أن يتأخر عن فاتح يناير 1952. و أن تتشكل الحكومة المحلية. ويقرر الدستور من قبل سكان الأقاليم الليبية (الوثيقة 3 ص 185). و هكذا تم إصدار الدستور الليبي يوم 7 أكتوبر 1951 و تمت مبايعة محمد إدريس المهدي السنوسي ملكا دستوريا على المملكة الليبية المتحدة.
2 – الأحداث التي أدى تطورها إلى استقلال تونس:
يعتبر اغتيال الزعيم النقابي "فرحات حشاد" سنة 1952 بمثابة شحنة ألهبت حماس الوطنيين في تونس و في باقي أقطار المغرب العربي . فقد ارتفعت وتيرة المواجهات المسلحة بين التونسيين و قوات الاحتلال .فاضطرت الحكومة الفرنسية إلى الدخول في مفاوضات سرية مع الزعماء الوطنيين و على رأسهم الحبيب بورقيبة فتقرر منح تونس الاستقلال الذاتي سنة 1954 (الوثيقة 1 / أ - ب ص 185) . و هو نظام يقضي بمنح تونس حق التسيير في بعض المجالات مع احتفاظ فرنسا بتسيير شؤون الأمن و الدفاع و الخارجية. لكن رفض الشعب لهذا النوع من الاستقلال و إصراره على متابعة المقاومة فرض على فرنسا إلغاء "معاهدة باردو" و الاعتراف باستقلال تونس و ذلك يوم 20 غشت 1956.(الوثيقة 3 ص 186).
3 – التطورات التي انتهت باستقلال الجزائر:
رغم الانقسام الذي حدث في صفوف الحركة الوطنية الجزائرية و وضع الزعيم مصالي الحاج تحت الإقامة الإجبارية . استمرت المقاومة الوطنية و التي التجأت للعمل المسلح بتأسيس جبهة التحرير الوطني التي أعلنت عن رغبتها في تأسيس الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية و المتمتعة بسيادتها في إطار المبادئ الإسلامية و تطالب فرنسا ب الاعتراف بالقومية الجزائرية و إلغاء كل القرارات التي تجعل الجزائر فرنسية ضدا على التاريخ و الجغرافيا و اللغة و الدين (الوثيقة1 ص 186) . و أمام الرفض الفرنسي ارتفعت ضراوة المواجهة العسكرية بين المقاومين الجزائريين و القوات الفرنسية. ما بين 1 نونبر 1954 و 19 مارس 1962 . و التي خلفت حسب المصادر الجزائرية مليون شهيد و حسب المصادر الفرنسية فقد فقدت قوات حفظ النظام 24614 قتيلا و 64985 جريحا (الوثيقة 2 ص 186). و حسب تصور فرنسا لمستقبل الجزائر فإنها ترى استحالة انفصال الجزائر عن فرنسا و تطرح أمام الجزائريين اختيارين هما : الارتباط التام بفرنسا ليصبح الشعب الجزائري جزء من الشعب الفرنسي .أو الاستقلال الذاتي حيث سيصبح النظام الجزائري فيدراليا ( الوثيقة 3 ص 186). لكن إصرار الجزائريين على الاستقلال التام أدى إلى تنظيم استفتاء شعبي عن حق تقرير المصير للشعب الجزائري الذي عبر عن رأيه في 8 يناير سنة 1962 و اختار الاستقلال عن فرنسا . فتم توقيع معاهد "أيفيان" ( Evian) 20 مارس 1962 التي تمنح الجزائر استقلالها.

الخاتمة: رغم تباين البرامج و الأساليب بين الدول الثلاث، في مواجهة الاستعمار و البحت عن الاستقلال. فإنها توحدت في رسم الهدف المتوخي. و الذي لا يقبل بديلا عن الحرية و الانعتاق من السيطرة و الاستغلال الاستعماري.

Aucun commentaire: