samedi 24 avril 2010

الوحدة 3

النظام العالمي الجديد و القطبية الواحدة.


تمهيد و إشكال: شهدت العشرية الأخيرة من القرن 20 تحولات هامة و سريعة، أثرت بشكل عميق في العلاقات الدولية. و التي تتمثل في انهيار المعسكر الشرقي، و تراجع المد الشيوعي خصوصا بعد سقوط جدار برلين سنة 1989 و توحيد ألمانيا سنة 1990، و تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991، و سقوط النظام الاشتراكي في دول أوروبا الشرقية. مما أدي إلى انهيار نظام القطبية الثنائية. والإعلان عن قيام "النظام الدولي الجديد" .
فما هي مظاهر تفكك المعسكر الشرقي؟ و ما هي مميزات النظام العالمي الجديد. و دور القطبية الواحدة داخله؟

I - مظاهر انهيار المعسكر الشرقي و التحولات الناتجة عنه.

1 – مظاهر تفكك المعسكر الشرقي في ألمانيا و الاتحاد السوفياتي :
أ – توحيد ألمانيا: تعتبر سنة 1989 سنة ميلاد جديد لدولة ألمانيا. ففي هذه السنة تابع العالم الأحداث المؤثرة لسقوط جدار برلين الذي أعلن إعادة توحيد ألمانيا بعد التقسيم الذي عرفته سنة 1949، حيث تم تقسيمهما إلى ألمانيا الغربية و ألمانيا الشرقية. و أكدت اتفاقية توحيد ألمانيا الموقعة يوم 5 ماي 1990 عن تفعيل هذه الوحدة، وتصفية التواجد الأجنبي فوق التراب الألماني (التواجد السوفياتي ، الأمريكي ، الفرنسي و البريطاني). و قد انعكس هذا التحول في أوضاع ألمانيا على مجموع دول أوروبا الشرقية و الاتحاد السوفياتي ، التي بدأت تتخلى تباعا عن النظام الاشتراكي و تتبنى النظام الرأسمالي الديمقراطي . و التعددية الحزبية.
ب – تفكك الاتحاد السوفياتي: صادقت الجمهوريات المؤسسة للاتحاد السوفياتي ( بيالوروسيا ، فدرالية روسيا، و أوكرانيا) يوم 8 دجنبر 1991 على "إعلان منسك". الذي تم بموجبه تفكيك الاتحاد السوفياتي"... الذي لم يعد موجودا في القانون الدولي و لا وجود له في الواقع الجيوسياسي العالمي..." و قيام "رابطة الدول المستقلة" التي تؤكد على احترام الوحدة الترابية للدول الموقعة على الإعلان و عدم الاعتداء على حدودها و احترام مبادئ الأمم المتحدة و قرارات " اتفاقية هلسنكي". (الوثيقة 3 ص 146). فاضطر "كورباتشوف" وضع حد لمهامه كآخر رئيس للاتحاد السوفياتي و سلم السلطة للرئيس "إيلتسن" كأول رئيس لدولة روسيا الرأسمالية .. و بذلك انتهى النظام الاشتراكي في روسيا و انتهى معه السباق نحو التسلح و الحرب الباردة.(الوثيقة 4 ص 146). و هكذا ظهرت على أنقاض الاتحاد السوفياتي مجموعة من الجمهوريات الجديدة و المستقلة . و اندلعت في نقس الوقت حرب الشيشان بعد رفض روسيا استقلال هذا الإقليم .(الوثيقة 5 ص 147).
2 – تطورات تفكك المعسكر الشرقي في باقي دول أوروبا الشرقية:
خلفت تداعيات توحيد ألمانيا و تفكك الاتحاد السوفياتي، مجموعة من التطورات على صعيد دول أوروبا الشرقية. التي كانت تشكل مع الاتحاد السوفياتي المعسكر الشرقي . فقد عرفت هذه الدول تحولات سريعة و هادئة. انتقلت بها من النظام الاشتراكي إلى نظام السوق. ومن نظام الحزب الوحيد إلى نظام التعديدية الحزبية. كما حدث في تشيكوسلوفاكيا (الثورة الهادئة ) على يد "فاكلاف هافيل " (الوثيقة 1 ص 147). أما جمهورية هنغاريا فقد تحولت من ديمقراطية شعبية إلى دولة رأسمالية تمشيا مع القوانين الدستورية و مرجعية القانون الدولي حيث أصبحت السلطة العليا في يد 15 قاضيا تمت تسمية 5 منهم بعد انتخابات 1990، و 5 آخرين بعد تشكيل البرلمان الذي تولى انتخابهم. و 5 تم تعينهم من طرف البرلمان سنة 1994 .فأصبح المواطن الهنغاري يعيش في ظل نظام تسود فيه الحريات العامة و الفردية و الاقتصاد الحر. و ذلك بعد تراجع سلطة الحزب الماركسي – اللينيني. و يوضح الجدول التحول الديمقراطي الذي عرفته بعض الديمقراطيات الشعبية. (أنقل الوثيقة 3 ص 148).
و قد ساهمت هذه الأحداث و التحولات التي عرفها المعسكر الاشتراكي في سقوط نظام القطبية الثنائية بانهيار قطبه الرئيسي ، الاتحاد السوفياتي .و إعلان "النظام العالمي الجديد" على لسان الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) سنة 1991. معلنا بذلك بداية عهد جديد بدون مواجهات. مما يبعث على التساؤل.كيف سينظم العالم ؟ و ما هي القوة أو القوى التي ستتولى قياديه؟

II - مميزات "النظام العالمي الجديد"

1 – النظام العالمي الجديد:
يرتكز النظام العالمي الجديد على القطبية الواحدة المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي . و قد اعتمدت و.م.أ على مجموعة من الأساليب لتحقيق و تأكيد هيمنتها على العالم منها:
* تقوية حضورها دبلوماسيا و أمنيا و اقتصاديا و ثقافيا في كل أنحاء العالم.(العولمة)
* تنمية سيطرتها على المجال البحري بنشر سلاحها البحري على نطاق واسع خصوصا في المناطق الإستراتيجية.(حاملات الطائرات)
* تنمية سيطرتها على المجال الجوي عن طريق تطوير "برنامج الفضاء العسكري" و توسيع نشر "المضلة النووية".
* تنمية سيطرتها على المجال البري بتطوير إمكانياتها العسكرية. و تسريع وتيرة انتشارها في أي نقطة من العالم .
* توفر القوات الأمريكية على عدة قواعد عسكرية منتشرة في جميع القارات بنسب متفاوتة تبعا لحجم و مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية .
و لتحقيق هذه المكاسب و الحفاظ على استمراريتها، بلغ الإنفاق الأمريكي في المجال العسكري 270 مليار دولار سنويا .
2 – مميزات النظام العالمي الجديد:
تتلخص مميزات النظام العالمي الجديد في :(الوثيقة 2 ص 149)
- المميزات العسكرية المتمثلة في تنامي دور الولايات المتحدة الأمريكية في مراقبة انتشار السلاح النووي و العمل على مواجهته ( كوريا الشمالية و إيران). و ظهور قواعد عسكرية جديدة في العربية السعودية (الدهران) و قطر (السيلية). و من جهة أخرى انضمت مجموعة من الدول الشرقية إلى حلف شمال الأطلسي بعد انهيار حلف وارسو (الوثيقة 4 ص 149).
المميزات السياسية تتجلي في تحكم و.م.أ في قرارات الأمم المتحدة، التي غالبا ما تغض الطرف عن تجاوزاتها. كفرض الحصار على الدول التي تخالف الإرادة الأمريكية (ليبيا، العراق..) و التدخل في المنتديات الدولية و الجهوية للتأثير عليها و حملها على العمل وفق الإرادة السياسية الأمريكية .
المميزات العامة و التي تظهر من خلال ارتفاع حدة التوتر بين الدول لأسباب دينية و إستراتيجية،( الهند و باكستان، الصومال و إثيوبيا ) و أسباب عرقية و إثنية ( بورا ندي رواندا و الكونغو الديمقراطية ). و قد ساهمت هذه الحروب في تكاثر أعداد اللاجئين نظرا لتفاقم الفقر.و الهاربين من المجازر التي تمس المدنيين على الخصوص (مسلمي البوسنة في أوروبا و الصراعات العرقية بين الهوتو و التوتسي في إفريقيا). (الوثيقة 3 ص 149).
و توضح الخريطة ص 150 توزيع مجال القوة في العالم حيث أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تنفرد بصدارة الترتيب كقوة عظمى. تليها دول أوروبا الغربية و روسيا كقوى متوسطة و تندرج الصين و الهند في هذا التوزيع، كقوى صاعدة. و يلاحظ أن أغلب الدول المتوفرة على السلاح النووي تتمركز في أوراسيا ب 7 دول في حين تنفرد و.م.أ بامتلاكه في القارة الأمريكية و ينعدم تماما في القارة الإفريقية ( الوثيقة 5 ص 150) .أما بؤر التوتر و الحروب فتكاد تنفرد بها القارة الإفريقية و جنوب آسيا أي المناطق التي تشكل دول العالم الثالث (الصراع الديني و الصراعات الحدودية و العرقية) .



III – مظاهر القطبية الواحدة و وسائل هيمنتها و بعض ردود الفعل على ذلك.

1 - و سائل الهيمنة السياسية و الدبلوماسية للقطب الواحد:
تتأكد هيمنة و.م.أ سياسيا و دبلوماسيا على المستوى العالمي من خلال سيطرتها على قرارات الأمم المتحدة و توظيفها لخدمة مصالحها و مصالح حلفاؤها. و قد ظهر ذلك جليا من خلال عدة مواقف منها: فرض تشديد العقوبات أو التهديد بذلك، على مجموعة من الدول الرافضة للتدخل الأمريكي في شؤونها ككوريا الشمالية و إيران و سوريا و السودان وليبيا.و يتمثل ذلك في حرمانها من استيراد التكنولوجية المتطورة و بعض المواد الغذائية و جعلها مناطق ممنوعة من استثمارات الشركات المتعددة الجنسية. كما تحاول عزلها سياسيا كسحب التمثيل الدبلوماسي منها و منع دبلوماسييها من التنقل في الخارج و حضور المنتديات الدولية (جلسات الأمم المتحدة في نيويورك).بالإضافة إلى تجميد أرصدتها المالية في الأبناك الدولية. و قد لجأت و.م.أ إلى هذه الأساليب أكثر من 104 مرة . و هذه السياسة تهدد حاليا أزيد من 75 دولة بتهم خرق حقوق الإنسان، أو شن عدوان على طرف آخر.أو تهمة حماية الإرهاب و الإرهابيين أو إنشاء مفاعلات نووية أو الاتجار في المخدرات أو تخريب البيئة. (الوثيقة 2 ص 151) و هكذا أصبحت و.م.أ تتصرف كدركي العالم يستغل نفوذه لخدمة مصالحة الخاصة.
و لفرض زعامتها السياسية على العالم بدأت و.م.أ تتدخل عسكريا، تحت غطاء الأمم المتحدة، في جل النزاعات العالمية. (الوثيقة 3 ص 151).و في بعض الأحيان تتجاوز المنظمة الدولية لحماية مصالحها الأساسية جاعلة الأمم المتحدة أداة تسير وفق متطلبات إستراتيجيتها. فأصبحت تقوم مقام الدول الخمس الكبرى في مجلسي الأمن نظرا لقدرتها على فرض وجهات نظرها على الآخرين (الوثيقة 4 ص 151) و يتجلى ذلك من خلال تزايد العمليات التي تدخلت فيها الأمم المتحد بتوجه من طرف و.م.ا (أنقل الوثيقة 5 ص 151).
2 - مظاهر التدخل العسكري كوسيلة لفرض هيمنة و.م.أ على العالم:
استغلت و.م.أ انهيار المعسكر الشرقي و نهاية الحرب الباردة لبسط نفوذها و هيمنتها على الرأي العالمي . فبعد تحررها من الإكراهات، التي كان يفرضها التوازن الاستراتيجي بين المعسكرين .عملت على إقناع العالم بضرورة التصدي، بشكل جماعي، تحت لواء الأمم المتحدة، لكافة الأخطار التي تهدد السلم العالمي .فاستأثرت بدور الريادة في الإشراف و ترتيب النظام الدولي. تمشيا مع مصالحها، التي تتقاطع مع مصالح مجموعة من الدول الحليفة. مستغلة، من جهة أخرى، مكانتها كزعيمة لحلف شمال الأطلسي. و وضعت قواتها العسكرية لخدمة هذه الأهداف، في حالة عجز المنتظم الدولي. موظفة المادتين 41 و 42 من الفصل السابع لميثاق المم المتحدة لتبرير تدخلها في العالم (الوثيقة 2 ص 152).و هكذا توالت التدخلات العسكرية الأمريكية في عدة أنحاء من العالم

السنوات مناطق التدخل الأمريكي شكل التدخل
1991 العراق تدخل عسكري تحت راية الأمم المتحدة.
1992 ليبيا حصار اقتصادي.
1992-1994 الصومال تدخل عسكري
1999 يوغوسلافيا تدخل عسكري تحت قيادة حلف شمال الأطلسي.
2001 أفغانستان غزو تحت راية الأمم المتحدة.
2003 العراق غزو دون موافقة الأمم المتحدة
حاليا إيران و كوريا.ش ضغط دبلوماسي ضد برامجها النووية.
2 – ردود الفعل على هيمنة القطب الواحد:
أثار موضوع هيمنة القطب الواحد على الساحة العالمية ردود فعل متباينة. فهناك بعض الدول التي تؤيد هذا الاتجاه نظرا لترابط المصالح التي تجمعها مع الولايات المتحدة الأمريكية كبريطانيا على الخصوص . و هناك الدول التي تعارض هذا الطرح و غالبيتها من الدول الفقيرة التي تطالب بنظام دولي عادل. وتنسق جهودها داخل الجمعية العامة لمعارضة هذه الهيمنة. كما تتجلى هذه المعارضة في مواقف بعض الدول القوية تجاه بعض التدخلات الأمريكية كفرنسا ز ألمانيا و روسيا التي عارضت التدخل الأمريكي في العراق سنة 2003. و يوضح عدم الاتفاق بين أعضاء مجلس الأمن حول الملف النووي لكل من كوريا الشمالية و إيران نوعا من المعارضة للمواقف الأمريكية في هذا المجال. و من جهة أخرى ساهمت هيمنة القطب الواحد عالميا في إحداث تغيرات قوية داخل بعض الدول منها وصول الأحزاب اليسارية للسلطة في كل من البرازيل و نيكاراغوا و فينيزويلا.و الحزب المحافظ في إيران . و تزايد الإقبال على صناعة الأسلحة النووية في إيران و كوريا .ش و تطويرها في الهند و باكستان . و ظهرت في مختلف دول العالم ، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية ،جمعيات مدنية معارضة للنظام العالمي الجديد و العولمة كجمعية "أطاك مونديال". (الوثيقة 1 ص 153). و قد أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأيه حول قضية القطب الواحد في خطابه في مؤتمر ميونيخ 15 فبراير 2007 و الذي يتلخص في كون الإجراءات الأحادية الجانب غير مجدية و لن تتمكن من حل المشاكل العالمية التي تتفاقم بشكل مطرد . علاوة على أنها ساعدت على الاستخفاف بالقانون الدولي. (الوثيقة 2 ص 154).

الخاتمة: كانت القطبية الثنائية تقوم أساسا على القوة العسكرية من خلال السباق نحو التسلح و توسيع سياسة الأحلاف.أما القطبية الواحدة فتقوم على أساس توزيع جديد للقوة و السلطة التي تتحكم فيها لإمكانيات الاقتصادية و التكنولوجية. الأمر الذي خول ل و.م.ا فرصة الهيمنة على العالم بحكم سبقها الاقتصادي و التكنولوجي .

Aucun commentaire: