samedi 24 avril 2010

ذة. أمينة كرامي ذ. عبد الله عثماني
ث. للا أمينة. ث. الإمام الغزالي.

الوحدة 13.

كوريا الجنوبية:
نموذج لبلد حديث النمو الاقتصادي.


تمهيد و إشكال: كانت كوريا الجنوبية قبل سنة 1970 تعد من بين الدول الفقيرة في إفريقيا و آسيا. فشهدت نهضة اقتصادية ابتداء من السبعينات.وأصبحت تحتل الرتبة 11 ضمن القوى الاقتصادية الكبرى في العالم. و أصبح الناتج الداخلي الخام الفردي بها يفوق 20 مرة نظيره في كوريا الشمالية . و يضاهي مثيله في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي
فما هي مظاهر النمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية؟ و ما هي العوامل المفسرة لذلك؟ و ما هي التحديات التي تواجهه؟

I - أهمية الإنتاج الصناعي بكوريا الجنوبية.

1 – أهمية الطاقة في الاقتصاد الكوري الجنوبي:
تبرز الوثيقة 1 ص 202 الحصيلة الطاقية لكوريا الجنوبية مقارنة بمثيلتها بالمغرب . حيث نلاحظ الفرق الشاسع بين الأرقام الواردة في الجدول. و نستنتج مدى أهمية الطاقة بالنسبة لكوريا الجنوبية.فهي تنتج 45.270 مليون tep من الطاقة. لكنها تستهلك 211.740 مليون tep. و يقدر الاستهلاك الفردي للطاقة 4.570 tep مقابل 0.380 tep في المغرب . و يصل إنتاج الكهرباء إلى 391.660 مليارKWh . و يقدر الاستهلاك الفردي للكهرباء 7435 KWh. ( المغرب، الإنتاج =21.130 مليار KWh . الاستهلاك الفردي= 584 KWh ). نستخلص إذن ضخامة احتياج كوريا الجنوبية للطاقة. الذي يرتبط أساسا بالنمو الاقتصادي الذي عرفته في السنوات الأخيرة. و توضح الوثيقة 2 / أ ص 202 ، تطور استهلاك الغاز الطبيعي ما بين 2004 ( 21 مليار م³) و 2006 (24 مليار م³) . و تشير الوثيقة 2 / ب، إلى تطور استيراد و استهلاك البترول . ففي سنة 2004 استوردت كوريا الجنوبية حوالي 3 مليون برميل / يوميا في حين بلغ الاستهلاك 2 مليون برميل /يوميا. أما في سنتي 2005 و 2006 فقد تراجع الاستيراد إلى 2.2 مليون برميل / يوميا و الاستهلاك إلى 2 مليون برميل / يوميا. نلاحظ من خلال هذه الأرقام استقرار الاستهلاك و تراجع الاستيراد و هذا راجع لتحكم كوريا الجنوبية في الاستهلاك بواسطة ترشيد استعماله.
2 – مكانة القطاع الصناعي ضمن الأنشطة الاقتصادية بكوريا الجنوبية:
تتمركز أهم المناطق و الصناعية في الشمال الغربي حول مركز سيول (العاصمة و مركز القرار). في الجنوب الشرقي حول مركزي بوشان على الساحل و طايكو في الداخل. و تتميز هذه المناطق باحتضانها لأهم المدن .و نلاحظ تمركز الأقطاب التكنولوجية خارج هذه المناطق و خاصة على الواجهة الغربية الجنوبية و الوسطى . أما المجال الفلاحي فينتشر في الجنوب و الوسط . و نشكل المجالات الوسيطة و السلاسل الجبلية غالبية مساحة كوريا الجنوبية و لتنظيم المجال و التحكم فيه وفرت كوريا الجنوبية شبكة مهمة من وسائل المواصلات (الطرق السيارة ) التي تربط كافة المناطق و (شبكة القطار السريع ) التي تربط بين المنطقتين الصناعيتين الأساسيتين. (الوثيقة 1 ص 203) . و اعتمادا على الوثيقة 2 ص 203 يتبن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام و التي تقدر ب 40.81 % مقارنة بالقطاع الفلاحي التي لا تتعدى 3.70 % و مساهمة قطاع الخدمات المتطور التي تصل إلى 55.49 % . فقد شهد القطاع الصناعي تطورا كبرا ما بين سنتي 2004 و 2005. في حين سجل انخفاضا واضحا سنة 2006 بسبب المنافسة الخارجية و الأزمة الاقتصادية التي يجتازها العالم مند بداية القرن. و يرجع تطور القطاع الصناعي لتأثير التكتلات المالية الكبرى (Caebols) . و هي مؤسسات عملاقة قائمة على تكتل مالي. التي تسيطر على الصناعات الأساسية و القوية في النشاط الاقتصادي . مما أدى إلى ظهور مجموعات عملاقة كمجموعة "سامسونغ" (Samsung) التي تحتكر 5/1 صادرات البلاد و تشغل حوالي 130000 أجير . و مجموعة "هيونداي – كيا " (Hyundai – Kia) التي 4/3 السيارات المتحركة في البلاد.
II – مظاهر القوة التجارية في كوريا الجنوبية.

1 – خصائص المبادلات التجارية الكورية الجنوبية:
نلاحظ من خلال الوثيقة 1/ أ ص 204 طبيعة الصادرات الكورية و التي تتمثل في المواد المصنعة و الخدماتية ( التجهيزات الكهربائية و الميكانيكية ، السيارات و لوازمها . الملاحة البحرية و النهرية و الخدمات) أما الواردات فتتكون من المواد الولية ومصادر الطاقة و المنتجات الفلاحية و بعض الآلات و الأجهزة التي لا توفرها محليا . نستخلص إذن أن كوريا الجنوبية تفتقر بحكم طبيعة أرضها و شح باطن أرضها للمواد الولية و المواد الفلاحية . لهذا فهي مضطرة إلى تطوير قدراتها الإنتاجية في المجال الصناعي لتغطية مصاريف احتياجاتها للمعادن ومصادر الطاقة و المواد الغذائية. لهذا فالوثيقتين 1 / ب – ج ص 204 تبرز قيمة التجارة الخارجية لكوريا الجنوبية ما بين سنتي 2002 و 2005. فقد عرفت الصادرات تطورا متصاعدا سوء على مستوى البضائع أو الخدمات ففي سنة 2002 بلغت قيمة صادرات البضائع حوالي 152 مليار دولار . و الخدمات 25 مليار دولار . أما في سنة 2005 فقد ارتفعت قيمة صادرات البضائع لتصل 275 مليار دولار و الخدمات 48 مليار دولار . و بالمقابل شهدت الواردات تطورا مماثلا ففي سنة 2002 بلغت قيمة البضائع المستوردة 150 مليار دولار و الخدمات المستوردة 40 مليار دولار وارتفعت لتصل في سنة 2005 ، 250 مليار دولار بالنسبة للبضائع و 60 بالنسبة للخدمات.
و تتعامل كوريا الجنوبية مع كل الشركاء التجاريين في العالم فتأتي الصين في المركز الأول فيما يخص الصادرات الكورية الجنوبية حيت تصل حصتها إلى 21.4 % تليها
و.م. أ بنسبة 14.6 % . اليابان 8.7 % . و هونغ كونغ 5.7 % أما بقية الشركاء في العالم اتصل نسبتهم إلى 49.6 % . أما بالنسبة للواردات فإن كوريا الجنوبية تستورد حاجياتها من اليابان بنسبة 18.5 % . و م الصين بنسبة 14.8 % . و و.م.أ بنسبة 11.8 % و من السعودية بنسبة 6.2 % . و من باقي أنحاء العالم بنسبة 48.7 % .
و عرف ميزان الأداءات بدوره تطورا مهما ما بين سنتي 2002 و 2005 فقد كانت قيمته تقدر ب 5 مليار دولار سنة 2002 و بلغت حوالي 12 مليار دولار سنة 2003 .و سجلت أعلى ارتفاع لها سنة 2004 حيث بلغت حوالي 27 مليار دولار لتنخفض سنة 2005 إلى 17 مليار دولار (الوثيقة 2 / ب ص 205)
2 – تطور الاستثمارات الخارجية المباشرة بكوريا الجنوبية:
شكلت كوريا الجنوبية أحد الأقطاب الكبرى لجلب الاستثمارات الخارجية المباشرة بفضل التنمية التي شهدها اقتصادها . فقد تطور الاستثمار الخارجي بها مابين سنتي 2002 و 2005 كالتالي. في سنة 2002 كان الاستثمار الخارجي بكوريا الجنوبية لا يتعدى 5 مليار دولار فقفز سنة 2003 إلى حوالي 12 مليار دولار و بلغ ذروته سنة 2004 بحوالي 27 مليار دولار لينخفض من جديد إلى 17 مليار دولار سنة 2005 . و تتعدد الدول المستثمرة في كوريا الجنوبية أهمها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 25.6 % . تليها اليابان ب 22.6 % . ثم هولندا ب 12.2 % (راجع الوثيقة 2 ص 205) . و من العوامل التي شجعت استثمار الخارجي:(الوثيقة 3 ص 206).
- إزالة الحواجز المؤسساتية أما الاستثمار الخارجي سنة 1990.
- تكثيف الجهود من طرف الدولة لإدماج كوريا في العولمة.
- إعلان العولمة كخيار وطني من طرف الحكومة الكورية الجنوبية.
- انتقال سلطة القرار من وزارة المالية و الاقتصاد إلى وزارة التجارة و الصناعة و الطاقة الأكثر ليبرالية.

III – العوامل المفسرة لنجاح التنمية الاقتصادية في كوريا الجنوبية.

1 – دور المقومات البشرية و التربوية في الانطلاقة الاقتصادية في كوريا الجنوبية:
تطورت ساكنة كوريا الجنوبية بسرعة حيث كانت لا تتعدى 29 مليون نسمة في سنة 1966 و بلغت حوالي 39 مليون نسمة سنة 1918، ثم 34 مليون نسمة سنة 1993. لتصل حاليا إلى 48.8 مليون نسمة (الوثيقة 1 / ب ص 206). و تقدر نسبة التزايد الطبيعي الحالي ب 0.4 % .أما مؤشر الخصوبة فيصل إلى 1.16 طفل لكل امرأة.و بلغ أمد الحياة 77 سنة. و تقدر نسبة الساكنة الحضرية ب 80 % من مجموع السكان .أما الكثافة السكانية فتصل إلى 487 نسمة / كلم² . (الوثيقة 1 / أ ص 206).
و يرتبط الوضع الاجتماعي للكوري الجنوبي بالشواهد التي يحصل عليها خلال مساره التعليمي. لهذا يكتسي التعليم أهمية قصوى في حياة الكوريين الذين يقدمون تضحيات كبيرة في سبيل تمكين أبنائهم من مستوى تعليمي متميز . و هذا ما ساعد على تقليص نسبة الأمية إلى 2 % فقط . فالتعليم مجاني و إجباري في المرحلة الابتدائية . و تنقسم المرحلة الإعدادية و الثانوية إلى 3 سنوات لكل منهما . و تتوفر البلاد على جامعات و مدارس عليا و معاهد متخصصة. و تخصص الدولة 4.2 % من ناتجها الداخلي الخام للتعليم . و يطغى الإرث الكونفوشيوسي في التربية لدي الكوريين الذي يعتمد على الانضباط و التضحية في سبيل المثل العليا .(الوثيقة 2 / أ - ب ص 206 – 207).
2 – دور العوامل السياسية و التنظيمية في النهضة الاقتصادية لكوريا الجنوبية:
تعتبر كوريا الجنوبية جمهورية برلمانية. تباشر فيها السلطة التنفيذية حكومة يقودها رئيس الجمهورية الذي ينتخب لمدة خمس سنوات غير قابلة للتجديد بواسطة الاقتراع العام المباشر. و الرئيس هو القائد الأعلى للجيش، يعين و يعفي الوزير الأول و أعضاء الحكومة. يراقب من طرف الدستور الذي يمنعه من حل المجلس التشريعي و تعليق الحقوق الأساسية. و يمثل البرلمان السلطة التشريعية و يتكون من 299 عضوا ينتخبون لمد 4 سنوات بواسطة الاقتراع العام المباشر. كما يتمتع الجهاز القضائي بالاستقلال التام تطبقا لمبدأ فصل السلط.
و قد مر الاقتصاد الكوري بثلاث مراحل رئيسية :
* مرحلة 1953 – 1961 : و التي تميزت بالعمل على الحد من الواردات عن طريق تشجيع الصناعات المحلية و القيام بإصلاح زراعي للرفع من القدرة الإنتاجية للقطاع الفلاحي كما شهدت هذه المرحلة تشجيع التعليم .
* مرحلة 1926 – 1973: اقترنت بتشجيع الصادرات عن طريق إقرار نظام الحوافز بمنح تسهيلات مالية و جوائز وطنية لأكبر و أحسن المصدرين.
* مرحلة 1973 – 1980: تم الاهتمام خلالها بتطوير و تقوية الصناعات الثقيلة التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة و تكنولوجية متطورة .و أعقبتها مرحلة تشجيع و تطوير الصناعات العالية التكنولوجيا .
و يعتمد النموذج الكوري للتنمية على العلاقة الوثيقة بين الحكومة و رجال العمال التي يتم من خلالها تدبير سياسة القروض و تحديد كمية و أنواع الواردات و تمويل بعض الصناعات و مدها بالأطر و اليد العاملة الجيدة. و تعمل الدولية على تشجيع استيراد المواد الأولية و التكنولوجية على حساب المواد الاستهلاكية و الاستثمار على حساب الاستهلاك. كما استفاد الاقتصاد الكوري الجنوبي من علاقتها مع اليابان ومن المساعدات الأمريكية الضخمة التي تدخل ضمن المخطط الأمريكي المناهض للمد الشيوعي. (الوثيقة 2 / ب ص 208).
و من جهة أخري تعمل كوريا الجنوبية على تشجيع البحث العلمي و الذي تخصص له 2.8 % من ناتجها الداخلي الخام (تقريبا نفس النسبة التي تخصصها اليابان للبحث العلمي)
و بذلك فهي تحتل الرتبة الثانية بعد اليابان في لائحة 10 دول الكبرى في مجال البحث العلمي (الوثيقة 3 / أ ص 208) . و قد ساعد نمو البحث العلمي في تطوير الصناعة العالية التكنولوجيا في كوريا الجنوبية التي أصبحت تفرض منتجاتها بقوة في الأسواق العالمية (الوثيقة 3 / ب ص208). و تعتبر مدن سيول (10 مليون نسمة) و بوسان (3 مليون نسمة) و أولسان أقطابا اقتصادية و موانئ أساسية للمعاملات التجارية مع الخارج في حين تعتبر طايكو و تايوون و كوانغ يو أقطابا تكنولوجية . وتتميز سيول العاصمة بطابعها المعماري الحديث الذي يساعد على المزيد من الانتشار و التوسع و بالتاي المزيد من القوة.

IV – المشاكل و التحديات التي تواجه كوريا الجنوبية.

1 – المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية في كوريا الجنوبية:
يواجه اقتصاد كوريا الجنوبية تحديات و رهانات كبيرة يمكن ان تحد من تطوره في حالة عدم التصدي لها و معالجتها .
- ساهم انطلاق المسلسل الديمقراطي الذي انطلق منذ سنة 1987 في ارتفاع حدة مطالب الشغيلة التي عانت من قمع الأنظمة الديكتاتورية السابقة. فتسببت الإضرابات العمالية المتكررة في كوريا في خسائر تقدر بملايين الدولارات . كما ساهمت الزيادات في الأجور التي تجاوزت 15 % سنويا في ارتفاع أسعار المنتجات الكورية في الأسواق العالمية مما أضعف قدرتها التنافسية أمام منتجات تايوان و سنغافورة و باقي دول جنوب شرق آسيا.(الوثيقة 1 / أ – ب ص - 209 – 210).
- يعتبر إفلاس شركة "دايو" ( Daewoo) سنة 2000 و على ذمتها 17 مليار دولار من الديون بعد اختفاء مؤسسها المتهم بسرقة 80 مليار دولار ضربة قاسية بالنسبة لاقتصاد كوريا خصوصا و أن هذه الشركة كانت تعد مفخرة صناعة السيارات في البلاد فقد تم تفويتها لشركة جنرال موتورز الأمريكية التي اقتنت 76 % من أسهمها .
2 – التحديات البيئية التي تواجه كوريا الجنوبية:
تشكل الطاقات ذات المصدر الملوث في كوريا الجنوبية نسبة كبيرة مقارنة بالطاقات النظيفة. فهي تمثل 97 % من مجموع الطاقة المستعملة (الطاقة النووية 38.2 % ، الفحم الحجري 37.6 %، الغاز الطبيعي 16.4 % و البترول 4.8 %) في حين لا تتعدى الطاقات النظيفة المتجددة 3 % (الطاقة الكهرومائية 1.7 % و مصادر أخرى 1.3%) و يشكل الاعتماد الكبير على هذا النوع من الطاقة خطورة كبيرة على البيئة المحلية و العالمية بسبب ما تساهم به كوريا من غازات دفيئة تسام في تفاقم الاحتباس الحراري. (الوثيقة 1 ص210). كما أصبحت الطاقة النووية تشكل خطرا حقيقيا على المحيط البيئي بسبب تسرب الأجسام المشعة خصوصا و أن الدولة تعترف بضعف الأنظمة الأمنية في المحطات النووية. (الوثيقة 2 ص 211).

الخاتمة: استطاعت كوريا الجنوبية الخروج من دائرة دول العام الثالث بفضل مقوماتها البشرية و مرونة نظامها السياسي و أسس نموذجها التنموي . لكنها تحتاج إلى مضاعفة الجهود لمواجهة التحديات الاجتماعية و البيئية حتى تضمن الاستمرارية والبقاء في نادي دول الشمال .

Aucun commentaire: