samedi 24 avril 2010

ذة. أمينة كرامي ذ. عبد الله عثماني
ث. للا أمينة ث. الإمام الغزالي

الوحدة 9.
فرنسا قوة فلاحية و صناعية في الاتحاد الأوروبي.


تمهيد و إشكال: تقدر مساحة فرنسا ب 551500 كلم² و يصل عدد سكانها إلى 61984000 نسمة. و تعتبر من الدول المؤسسة للإتحاد الأوروبي الذي تحتل فيه الرتبة الثانية فيما يخص الناتج الداخلي الخام ب 2047 مليار دولار . و 3° بالنسبة للقوة الصناعية بنسبة 15 % من مجموع القوة الصناعية للاتحاد و 2° على مستوى قيمة التجارة الخارجية بما قيمته 1035473 مليار دولار و 1° في حصة الاتحاد الأوروبي في التجارة الخارجية الفرنسية بنسبة 62% .
فما هي مظاهر قوة الاقتصاد الفرنسي و أسسه؟ و ما هي طبيعة التحديات و المشاكل التي تواجه الاقتصاد الفرنسي؟

I - مظاهر قوة الفلاحة الفرنسية و تحولاتها و العوامل المتحكمة فيها.
1 – مظاهر القوة الفلاحية الفرنسية :
تعتبر فرنسا أول قوة فلاحية في الاتحاد الأوروبي رغم المساهمة الضعيفة لهذا القطاع في الناتج الداخلي الخام إذ لا يتعدى 2.9 % . و رغم ذلك ففرنسا تساهم ب 23% من الإنتاج الفلاحي للاتحاد الأوروبي . و تحتل الرتبة 5 عالميا في إنتاج الحبوب . و تعتبر أول مصدر عالمي للمنتجات الصناعية الغذائية . ثاني مصدر عالمي للمواد الفلاحية .
و تأتي دول الاتحاد الأوروبي في مقدمة قائمة زبناء فرنسا الرسميين للمواد الفلاحية. (الوثيقة 1 ص.141) .
و توضح الوثيقة 2 ص 141 تطور الإنتاج الفلاحي الفرنسي (انقل الوثيقة في دفترك) . و يشكل فرع الفلاحة و الصناعة الغذائية مركز قوة الفلاحة الفرنسية خصوصا سنة 2004 التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في الإنتاج الفلاحي.
2 – تحولات القطاع الفلاحي الفرنسي:
رغم تراجع المساحات المزروعة و عدد المستغلات و عدد الفلاحين (4.1 % من الساكنة النشيطة) خلال عقدي السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي ،فقد عرف الإنتاج الفلاحي نموا كبيرا. حيث أصبح الفلاح الفرنسي يغذي 30 شخصا مقابل 18 شخصا قبل 50 سنة. و ذلك راجع لتطور الإنتاجية و المردود. فعلى المستوى العقاري شهدت فرنسا تحولا هاما يتجلى في تراجع عدد المستغلات من حوالي000 2250 مستغلة سنة 1950 إلى حوالي 520000 مستغلة الوثيقة 2 /أ ص142). و رغم ذلك فإن بسبة المستغلات الصغيرة المغلقة الوثيقة 2 / ب ص142) ذات الطابع العائلي لا زالت تشكل غالبية المشهد الفلاحي الفرنسي. و من جهة أخرى شهد القطاع الفلاحي تحولا نوعيا بانتشار الفلاحة البيولوجية التي لا تعتمد المواد الكيماوية ، بل تستعمل المواد الطبيعية (أسمدة معدنية طبيعية ، منتجات مستخلصة من الأعشاب ، و تغذية الماشية بمواد غذائية بيولوجية) و ذلك لضمان جودة عالية للمواد الغذائية و الحفاظ على البيئة و تتميز هذه الفلاحة بتنوع إنتاجها (حبوب ، تربية الماشية). و تقوم هذه الفلاحة بتشغيل عدد كبير من اليد العاملة مقارنة مع الفلاحة العادية و جلهم من الشباب المثقف (18 % منهم لهم تكوين عال). و قد بلغ عدد المستغلات البيولوجية أو في طريق التحول إلى بيولوجية 2100 مستغلة و يتعدى معدل مساحة المستغلة البيولوجية المعدل الوطني لمساحة المستغلة العادية (47 هكتار مقابل 42 هكتار).( الوثيقة 3 / أ ص142). و تخدم الفلاحة البيولوجية القطاع السياحي عن طريق المطاعم التي تقدم وجبات طبيعية في عين المكان ( الوثيقة 3 / ب ص142).
و تبين الوثيقة 4 / أ (أنقل الخريطة في دفترك) المجالات الفلاحية و اتجاهات التحول . حيث تتمركز أهم الزراعات الكبرى في منطقة "شامباني" (Champagne) و حوض باريس و "بوركوني (Bourgogne). و حوض أكيتان (Bassin Aquitain) في الجنوب الغربي .والألزاس ( (Alsaceفي الشمال الشرقي . أما تربية الماشية الكثيفة فتستقر بمنطقة بروطاني (Bretagne) . في حين تنتشر التربية الواسعة للماشية في نورماندي ( Normandie) بالشمال و الكتلة الوسطى و مرتفعات الجورا(Jura) و الفوج
(Vosges) و الألب (les Alpes) و البرانس (Pyrénées) . و تتخصص منطقتي لانكدوك (Languedoc) و بروفانس (Provence) المطلة على البحر الأبيض المتوسط في الفواكه. و يلاحظ أن بعض المناطق الفلاحية شهدت تحولات هامة و عميقة( الوثيقة 4 / ب ص 143 ) كمنطقة بروطاني و نورماندي و اللوار ( Loire) التي تخصصت في تربية الأبقار و الخنازير و الدواجن اعتمادا على أسلوب التربية الكثيفة، التي تعتمد على تغذية تزودها بها الصناعة الغذائية، كما أنها تمارس ضغطا ضعيفا على الأرض، نتيجة تجمع الماشية بأعداد ضخمة في حظائر متخصصة (Elevage hors – sol). و منطقة شامباني و الجنوب الغربي (حوض أكيتان) التي أصبحت مناطق كبرى لزراعة الحبوب . و منطقة الجنوب الشرقي التي تخصصت في إنتاج الخمور و الفواكه. أما حوض باريس فلم يشهد تحولات هامة و بقي محافظا على تخصصه في زراعة الحبوب.
3 – قوة الفلاحة الفرنسية و تحولاتها:
أ- قوة الفلاحة الفرنسية: تستمد الفلاحة الفرنسية قوتها من الظروف الطبيعية الملائمة و المتمثلة في :
* التضاريس: (الوثيقة 1 ص 144) تنقسم تضاريس فرنسا إلى 3 و حدات كبرى هي
– الهضاب و الكتل القديمة التي تنتمي للزمن الهيرسيني و هي الكتلة الأرمريكية
(Massif Armoricain )في الشمال الغربي. و كتل الأردين ( Ardennes) في أقصى الشمال و الفوج (Vosges) في الشمال الشرقي و الكتلة الوسطى التي تنتصب وسط البلاد و هي الأكثر اتساعا.
- السلاسل الجبلية و هي مرتفعات حديثة التكوين كجبال البرانس و مرتفعات الجورا و جبال الألب حيت توجد أعلى قمة في فرنسا (الجبل الأبيض le Mont Blanc ) الذي يقدر ارتفاعه ب 4807 م .
- السهول و هي نوعان : سهول رسوبية واسعة في الشمال و ضيقة في الجنوب الغربي . و سهول تنتمي لبنية الأحواض الرسوبية كحوض باريس في الشمال و حوض أكيتان في الجنوب الغربي
* المناخ: (الوثيقة 2 ص.144) يتميز مناخ فرنسا بالاعتدال و التنوع بسبب موقع البلاد في العروض المعتدلة و غرب القارة الأوروبية. لهذا يتراوح معدل التساقطات في مجموع التراب الوطني ما بين 600 و 1500 مم / س . و رغم الطابع الاعتدالي للمناخ الفرنسي فإنه يمكن التمييز بين 3 أنواع مناخية و هي :
- المناخ المحيطي و يسود الواجهة الغربية المطلة على المحيط الأطلنتي و يتميز برطوبة عالية و حرارة معتدلة .
- المناخ القاري الذي يظهر في المناطق الداخلية و تزداد حدته كلما اتجهنا نحو الشرق. و يتميز بارتفاع المدى الحراري السنوي .
- المناخ المتوسطي الذي يهم الواجهة الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط و يتميز بشتاء بارد و رطب و صيف حار و جاف.
و ينتشر المناخ الجبلي فوق المرتفعات (الألب و البرانس و الهضبة الوسطى. و يتأثر المناخ الفرنسي بالمؤثرات القارية التي تهب من الشمال الشرقي و المؤثرات المحيطية التي تهب من الجنوب الغربي و المؤثرات المتوسطية التي تهب من الجنوب .
و يساهم تنوع المناخ في تنوع الإنتاج الفلاحي الفرنسي كما يساهم في توزيع الأراضي التي تتكون من الغابات بنسبة 26.5 %. و المروج بنسبة 24% و الأراضي الزراعية التي تستحوذ على أكبر حصة بنسبة 35 % . و أراضي أخرى بنسبة 14.5% . (الوثيقة 3 ص.144)
ب – التحولات التي شهدتها الفلاحة الفرنسية : عرفت البنية العقارية الفلاحية الفرنسية تحولا هاما بسبب إخضاع الأراضي الفلاحية لترميم ضمن "الثورة الهادئة" للفلاحة الفرنسية (الوثيقة 4 / أ ص 145) .حيث تمت إعادة تهيئة الأراضي التي تجزأت بفعل الثورات أو الأراضي المتخلى عنها بفعل الهجرة القروية .و ساهمت الدوائر السياسية و البنكية في توفير الرساميل لهذه المستغلات التي استفادت من الطاقة البشرية و الخبرة العلمية و ساهمت في حل مشكل الخصاص الغذائي. بل مكنت فرنسا من تصدير جزء كبير من موادها الفلاحية الغذائية. كما أدت هذه "الثورة الهادئة" على تطور متوسط مساحة المستغلات الفلاحية الذي انتقل من 15 هكتار سنة 1955 إلى 31 هكتار سنة 1990 ليقفز إلى 38 هكتار سنة 2001.(الوثيقة 4 / ب ص 145) . و قد ساعد هذا التحول على ظهور مستغلات رأسمالية قوية تتلاءم مع التقنيات الحديثة و ذات مردودية عالية.
و استفادت الفلاحة الفرنسية من تدابير "السياسة الفلاحية المشتركة" التي تم تطبيقها في دول التحاد الأوروبي . فقد ساهم تحرير مرور المنتجات و الرساميل ، و ضمان أسعار عدة منتجات فلاحية و توحيد التعريفة الجمركية تجاه الدول الخارجة عن الاتحاد في تحفيز الفلاحين الفرنسيين خاصة منهم منتجي الحبوب الذين تمكنوا من تصدير جزء مهم من إنتاجهم . و ارتفع مستوى إنتاج القمح بفضل دعم الصادرات و تحديد سعر مضمون للقمح يحمي الفلاح من المنافسة الأجنبية. (الوثيقة 5 ص.145) .
و تكمن مظاهر العصرنة و التقدم التقني للفلاحة الفرنسية في مكننة متطورة شملت جل العمليات الفلاحية . و توسيع السقي و تجفيف المستنقعات .و اعتماد تقنيات جديدة منها ، تعديل التربة و الاستعمال المكثف للأسمدة و المبيدات .إلى جانب إدخال أنواع جديدة من المنتجات الفلاحية بفضل انتقاء الأجناس الحيوانية و النباتية اعتمادا على "الهندسة الوراثية" التي ساهمت في ظهور منتجات نباتية معدلة وراثيا ( OGM) لتحسين خصائصها (الوثيقة 6 ص.145).
II – مظاهر القوة الصناعية الفرنسية و تحولاتها. و تفسير العوامل المتحكمة في ذلك.
1 – مظاهر قوة الصناعة الفرنسية:
توضح المؤشرات الواردة في الوثيقة 1 ص 145، أهمية و مكانة الصناعة الفرنسية على مستوى الاتحاد الأوروبي (2°)، وعلى المستوى الدولي (4°). فهي تساهم ب
26.4 % من الناتج الداخلي الخام الوطني و تشغل 22 % من مجموع اليد العاملة النشيطة الفرنسية. كما أنها تمثل 15 % من مجموع صناعة الاتحاد الأوروبي. وعلى مستوى بعض القطاعات الصناعية، فإن فرنسا تحتل الرتبة 2 في الاتحاد الأوروبي في صناعة السيارات ب 3665000 سيارة سنويا. و قد شهد هذا القطاع تطورا تقنيا كبيرا باستعمال تقنية الروبوتيك. و الرتبة 3 في صناعة الصلب ب 20800000 طن / س( الوثائق 2 / أ – ب ص 146) . كما تعتبر المساهم الأكبر، بنسبة 57.06 % ،في صناعة صاروخ "أريان" الذي اكتسح السوق العالمية في مجال زرع الأقمار الصناعية في الفضاء،. و تقدر مساهمة شركة "أيروسبايس" الفرنسية ب 37.9 % في مشروع أيرباص . (الوثيقة 3 / أ-ب 146). و تعتبر الصناعة الكيماوية الفرنسية من أقوى الصناعات على الصعيد الوطني و الأوروبي فهي تحتل الرتبة الثانية في أوروبا من حيث رقم المعاملات و تحتل شركة " سان –غوبان St Gobin " لصناعة الزجاج الرتبة الأولى علميا . و الرتبة الثانية أوروبيا في صناعة البلاستيك. أما شركة Sanfi-Aventis المتخصصة في الصناعة الصيدلية فتحتل الرتبة الأولى أوروبيا و الثالثة عالميا. و في مجال صناعة المنتجات الرفيعة فإن شركة "لوريال" الفرنسية تحتل الرتبة الأولى عالميا في مجال تصدير العطور و مواد التجميل التي تحتكر السوق العالمية . و تحقق فرنسا 10% من المبيعات العالمية في قطاع السيارات . و تحتل الرتبة الثالثة عالميا في صناعة الأسلحة و تتوفر على أول قطاع عالمي من حيث رقم المعاملات في مجال الصناعة الغذائية التي تعتبر 3 مشغل لليد العاملة وطنيا. (الوثيقة 4 / أ ص 147). و تستأثر المنتجات الصناعية بحصة الأسد في الصادرات الوطنية (أنقل الوثيقة 4 / ب ص147). و على مستوى التوزيع المجالي للصناعات الفرنسية ، فإن الخريطة ص. 147 تبين تمركز الصناعات في:
* الشمال الغربي الذي يضم أكبر مركز صناعي فرنسي ، باريس (Paris) الذي يتوسع في اتجاه ميناء لوهافر(le Havre) المطل على بحر الشمال و يشكل نقطة انتقال توطين المقاولات نحو الشمال الذي يشهد تحولا صناعيا نوعيا خاصة مدن ليل(LILLE) و فالنسيان (Valenciennes). و نحو الغرب (مدينة كاين Caen ) و الجنوب الغربي (مركز نانت Nantes و رين Rennesو بواتييPoitiers).
* الشرق حيث توجد أربعة مناطق صناعية : منطقة ليون Lyon- كرونوبلGrenoble – سانت إتيانSt Etienne.في الألب .- منطقة ميلوزMulhouse(والألزاس) - منطقة اللورين – منطقة مرسيليا في الجنوب.
أما المناطق الوسطي و التي تظهر على شكل شريط ضيق في الشمال و واسع في الجنوب فإنها تعتبر مناطق ضعيفة التصنيع . و تعتبر المناطق الساحلية المتوسطية و الأطلنتية مناطق استقطاب صناعي .كما تشهد موانئ مرسيليا ، نانت، لوهافر و دانكيرك عمليات التهيئة الصناعية لمواجهة التطور المرتقب في مجال التجارة الخارجية .
2 – تفسير قوة الصناعة الفرنسية:
تعتمد الصناعة الفرنسية على مجموعة من المقومات منها :
* المواد الأولى و مصادر الطاقة : تتوفر فرنسا على مجموعة من المعدن كالبوكسيت التي يقدر إنتاجه ب حوالي 100000 طن / س و يستخرج من المناطق الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط. و البوتاس ب 184000 طن /س و يستخرج من المناطق المحاذية لنهر الراين في الشمال الشرقي الأورانيوم ب 175000 طن / س و يستخرج من عدة نقط متناثرة في الكتلة الوسطى و بروطاني و منطقة اللوار(الوثيقة 1 / أ ص148) . آما الفحم فيستخرج من مناجم الشمال و اللورين و الكتلة الوسطى و يتميز الفحم الفرنسي بضعف الجودة و صعوبة الاستخراج. في حين تضطر فرنسا لاستيراد جل احتياجاتها من البترول من الشرق الأوسط و بعض دول إفريقيا . و الغاز الطبيعي من الجزائر و روسيا . أما الطاقة الكهربائية فقد عرف إنتاجها تطورا مهما وهي من 4 مصادر الكهرباء النووية ب 448 Twh، الكهرباء المائية ب 65.4 Twh، الكهرباء الحرارية ب 54.7 Twh و الكهرباء الريحية ب 0.6 Twh. و يلاحظ أن الكهرباء النووية تحتل مركز الصدارة بالنسبة للطاقة الكهربائية الفرنسية و هذا راجع لانتشار المفاعلات النووية عبر التراب الوطني و عدم معارضة الشارع الفرنسية بشدة لهذا النوع من الطاقة.(الوثيقة 1 / ب ص148)
* المعطيات الديمغرافية و السوسيو اقتصادية المتمثلة في ساكنة تعد ب61.984 مليون نسمة تشكل فيها نسبة القادرين على العمل 35 % و هي ساكنة حضرية بنسبة 74 %. و قد قدر صافي الهجرة في فرنسا سنة 2003 ب 100000 نسمة. أما مؤشر التنمية البشرية فيصل إلى 0.932 و من أعلى المؤشرات على الصعيد العالمي .
* تدخل الدولة في الاقتصاد و أهدافه. مر تدخل الدولة في الاقتصاد بثلاثة مراحل :الوثيقة 3 ص 148)
أ- المرحلة الأولى (منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى سنة 1982) حيث قامت الدولة بتأميم مجموعة من وسائل الإنتاج الوطنية ك"شركات توليد الطاقة الكهربائية"، " شركة رونو" و "شركة فحم فرنسا" و المؤسسات البنكية التي تراقب 75% من القروض كما تمتلك نسبا هامة من أسهم كبريات المؤسسات الخصوصية الفرنسية . و ذلك بهدف إعادة بناء و عصرنة الاقتصاد . و تتدخل الدولة عن طريق تهيئ مخططات توجيهية تكتسي طابعا إلزاميا بالنسبة للقطاع العام و طابعا استشاريا بالنسبة للقطاع الخاص و ذلك بهدف دعم القطاعات ذات الأولوية. و تتدخل كذلك عن طريق إعداد التراب الوطني لخلق نمو منسجم و متوازن.
ب- المرحلة الثانية (مابين 1982 و 1986) يتمثل تدخل الدولة في مواجهة الأزمة التي كان الاقتصاد الفرنسي يتخبط فيها خلال هذه الفترة و ذلك للرفع من الطلب و الإنتاج . و استمرار سياسة التأميم لتنمية الاستثمار و ‘عادة تنظيم بعض القطاعات .
ج- المرحلة الثالثة (منذ 1986) شهدت سنة 1986 شروع الدولة الفرنسية في تشجيع الخصخصة و ذلك بعرض أسهمها في بعض الشركات للبيع كمؤسسة "الشركة العامة للكهرباء". و فتح رأسمال بعض المؤسسات و إقرار مرونة قانونية في هذا الاتجاه.و ذلك بهدف تنمية القطاع الخاص و تشجيع الاستثمار الداخلي ة الخارجي.
* تطور التركيز: فرضت الظرفية الاقتصادية العالمية و الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي على فرنسا تطوير بنيتها الصناعية نحو التركيز و ذلك بتشجيع المؤسسات القوية القادرة على مواجهة المنافسة الأجنبية داخل و خارج المجموعة الأوروبية. فظهرت شركات عملاقة سواء من حيث رقم معاملاتها أو حجم إنتاجها. فضمن 100 مقاولة الأولى في العالم نجد 9 فرنسية كشركة "طوطال" (1° في فرنسا و 10° في العالم ) . و حتى تتمكن المجموعات الفرنسية من غزو أفضل للأسواق العالمية قامت بعقد اتفاقات و شراكات مع بعض الشركات الأجنبية (شركة رونو – شركة نيسان اليابانية) شراء رونو لشركة داسيا (DACIA) الرومانية . اندماج ألكاطل الفرنسية مع ولسن الأمريكية . إلا أن هذا لم يمنع من استمرار انتشار المؤسسة الصغيرة و المتوسطة في البنية الفرنسية التي تضم 50 % من مأجوري القطاع الصناعي و تساهم ب 42 %من مبيعاته(الوثيقة 4 ص 148)
* فرنسا 3 مستثمر عالمي و 5 قطب للرساميل الأجنبية: يمثل مخزون الاستثمار الخارجي المباشر لفرنسا 515 مليار دولار أي 33.4 % من الناتج الداخلي الخام . كما توجد في فرنسا حوالي 9300 مقاولة أجنبية تشغل 1.8 مليون أجير فرنسي أي 13.1 % من مجموع الأجراء الفرنسيين( الوثيقة 5 / أ ص 149). و يرجع هذا التطور للضغوط التي فرضتها العولمة و الاندماج الأوروبي على الاقتصاد الفرنسي . و قد ساهم هذا الانفتاح في تقوية الآلة الإنتاجية الفرنسية و تواجدها بقوة على الصعيد العالمي.

III - المشاكل و التحديات التي تواجه فرنسا.
1 – المشاكل الديمغرافية و الاجتماعية:
يواجه الاقتصاد الفرنسي مجموعة من التحديات و المشاكل منها:
* تطور نسبة الشيخوخة (65 سنة فما فوق): يتزايد عدد الشيوخ في الساكنة الفرنسية بشكل مطرد بسبب ارتفاع معدل مدى الحياة. فبعدما كانت نسبة الشيخوخة لا تتعدى 12 % من مجموع السكان سنة 1950 قفزت إلى حوالي 16 % سنة 2003 و يرتقب أن تصل إلى 24 % سنة 2030. و لاشك أن هذا التطور سيطرح عدة مشاكل لنظام الحماية الاجتماعية الذي يتأثر من جهة أخري بالأزمة الاقتصادية، و بارتفاع نسبة البطالة. حيث ستقل نسبة المساهمة في صندوق المعاشات مقابل تزايد التكاليف، بسبب تزايد عدد المتقاعدين. فقد لوحظ ارتفاع ملحوظ في عدد العاطلين منذ سنة 1975 حيث كان عددهم يصل إلى 912000 عاطل ضمن ساكنة نشيطة تقدر ب 22372000 نسمة . فارتفع هذا العدد إلى 2473000 عاطل من ضمن 24180000 ن، ليصل إلى 2640000 عاطل من بين 27125000 ن. فعلى هذا الأساس سيتفاقم عجز نظام الحماية الاجتماعية . و لن تتمكن الدولة من تغطية هذا العجز برفع قيمة المساهمات لأن ذلك سيضعف قدرات المقاولات على مواجهة المنافسة الخارجية.(الوثائق 1 / أ /ب /ج ص 149)
* ساهم التوسع الحضري في القضاء على التوازن بين الساكنة الحضرية و القروية و الذي كان قائما إلى حدود منتصف القرن الماضي. فقد أصبحت نسبة الساكنة الحضرية تقدر حاليا ب 75 % من مجموع الساكنة الفرنسية و قد تصل هذه النسبة إلى 90 % إذا اعتبرنا ضواحي المدن. و قد أدي هذا التطور في تضخم الطلب على الخدمات الاجتماعية و الخدمات في المدن (السكن ، الشغل، التمدرس، النقل ، التطبيب...) بشكل يفوق إمكانيات استجابة المدن لهذه المطالب . هذا بالإضافة إلى أن توسع المجال الحضري يأتي غالبا على حساب المجال القروي. (الوثيقة 2 / أ / ب ص 150).
2 – المشاكل و التحديات الاقتصادية:
* في المجال الفلاحي : (الوثيقة 1 / أ – ب ص150) .ساهمت العولمة و حماية البيئة في ظهور تحولات هامة على مستوى الإنتاجية الفلاحية الفرنسية . فقد أدى انفتاح الأسواق إلى تغيير في توجهات "السياسة الفلاحية المشتركة". فقد فرض على الفلاح تخفيض تكلفة إنتاجه لمواجهة المنافسة الخارجية . و تعتبر منطقة "بروطاني" خير مثال على هذا التحول .فهي تعتبر أول منطقة فلاحية في فرنسا بفضل اهتمامها بالتربية الكثيفة للماشية .لكن تراجع الحماية و الدعم اللذان كان يحضى بهما القطاع الفلاحي و ظهور منافسين أقوياء في هذا المجال كالبرازيل الذي تتميز فلاحته بانخفاض التكلفة ، أدى كل ذلك إلى تراجع قطاع تربية المواشي الذي كان مزدهرا في "بروطاني" (تربية الدواجن و تربية الخنازير على الخصوص) .
* في المجال الصناعي: (الوثيقة 2 ص 150). تعرضت مجموعة من فروع الصناعة القديمة في فرنسا إلى نوع من التراجع (التعدين، بناء السفن، النسيج...) مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة (فقدان حوالي 1.5 مليون منصب شغل ما بين 1980 و 2000) . كما تعرضت بعض مناطق الشمال و الشرق لظاهرة هجرة الصناعات، Désindustrialisation) (. و يلاحظ من جهة أخرى معاناة الصناعة الفرنسية من قلة التخصص فنادرا ما تحتل الصناعة الفرنسية الرتبة الأولى في أحد القطاعات الصناعية.
و تضطر إلى استيراد بعض المنتجات الصناعية من الخارج. كما أن إهمال البحث العلمي لفترة طويلة أدي إلى ضعف علاقته بالمقاولات . إضافة إلى عدم مسايرة تأهيل اليد العاملة للتحولات السريعة التي يعرفها القطاع الصناعي.
3 – مشاكل و تحديات التباين الجهوي و البيئة:
توضح الخريطة (الوثيقة 1 / أ ص 151) تباين توزيع الثروة الوطنية حسب الجهات . حيث تحتل جهة باريس (Ile – de France) الرتبة الأولى بأزيد من 10% من الثروة الوطنية تليها الجهات الجنوبية الشرقية ( جهة الرون و الألب و جهة ألب – كوت دازور Rhône – Alpes, Alpes – Côte-d'Azur ) و جهة الشمال- بادكالي
(Nord- Pas De Calais).بحصة ما بين 5 إلى 10% . أما منطقة اللورين و الوسط و اللوار و بروطاني و أكيتان و البيريني فتتراوح حصتها من الثروة الوطنية ما بين 3 إلى 5 % .و ما تبقى من الجهات فتقل حصصها عن 3 % . كما تتمركز غالبة الساكنة الفرنسية في الحواضر الكبرى التي تتواجد بمناطق القوة التي تهيكل المجال الفرنسي التي تضمن أكبر قدر ممكن من فرص الشغل على طول الساحل المتوسطي و الأطلنتي و الأحواض الكبرى كحوض باريس و الحدود الشرقية . و تتفاقم التناقضات داخل كل جهة ما بين الحواضر الكبري التي تتوسع على حساب المجال القروي الذي يتعرض للتفقير .أما داخل المدن فيلاحظ تباين صارخ بين الأحياء الراقية و أحياء الضاحية
Quartiers périphériques )) التي غالبا ما تحتضن الفئات الفقيرة و عائلات المهاجرين .
و تعاني فرنسا من تفاقم المشاكل البيئية التي يتسبب فيها القطاعين الفلاحي و الصناعي :
- التلوث الفلاحي: (الوثيقة 2 / أ ص 151) ساهم التطور الذي عرفته تربية الماشية في منطقة بروطاني، على سبيل المثال ، في خلق مشاكل بيئية. فقد أدى الاستعمال المكثف للأسمدة في الزراعات العلفية . و تراكم بقايا الحيوانات في تلويث الأنهار و الفرشة المائية التي تتناقص مياهها بسبب الضخ المكثف للسقي
- التلوث الصناعي : (الوثيقة 2 / ب ص151) تعاني مدينة ليون من التلوث الناتج عن السيارات و المصانع خصوصا المصانع الكيماوية التي تتجمع على طول "ممر الكيمياء" و التي ترسل إلى المدينة بواسطة الرياح أدخنة و روائح ملوثة للجو . و تساعد طبوغرافية المدينة على تفاقم و استمرار آفة التلوث.
الخاتمة: استفاد الاقتصاد الفرنسي من عدة مؤهلات تتمثل في الظروف الطبيعية و البشرية الملائمة .و من انتمائه إلى إحدى التكتلات الاقتصادية الرائدة و القوية في العالم (الاتحاد الأوروبي ). و ذلك رغم المشاكل و التحديات التي تواجه مسيرته.

1 commentaire:

Anonyme a dit…

كيف إني أسألك لمزيد من التفاصيل؟ عظيم آخر في حاجة الى معرفة المزيد...